حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

وأما أوجه الحرفية

صفحة 235 - الجزء 2

  البيت الأول ضرورة واستدلاله بقوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ}⁣[سبا: ٤٦]، {قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ}⁣[يوسف: ٨٦]، {وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}⁣[آل عمران: ١٨٥]، وهم، لأن الحصر فيهنّ في جانب الظُّرف لا الفاعل، ألا ترى أنَّ المعنى: ما أعظكم إلا بواحدة، وكذا الباقي.

  والثالث: الكافة عن عمل الجرّ، وتتصل بأحرف وظروف.

  فالأحرف أحدها «رُبَّ»، وأكثر ما تدخل حينئذ على الماضي، كقوله [من المديد]:

  ربما أوفيت في علم ... ترفعن ثوبي شمالات

  لأن التكير والتقليل إنما يكونان فيما عُرِفَ حَدَّه، والمستقبل مجهول، ومن ثم قال الرماني في {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا}⁣[الحجر: ٢] إنما جاز لأن المستقبل معلوم عند الله تعالى كالماضي، وقيل: هو على حكاية حال ماضية مجازاً مثل {وَنُفِخَ فِي


  بإنما) أي: وأما لو كان محصوراً بما وإلا فهو محل اتفاق قوله: (لا يجوز فصل الضمير المحصور) أي: فيه بإنما بل يقال إذا أريد الحصر في الفاعل إنما زيداً ضربت ولا يقال إنما ضرب زيداً أنا قوله: (والاستدلالة بقوله تعالى قل إنما أعظكم) أي: فلو كان يجب الفصل معاملة لإنما معاملة ما وإلا لقال إنما يعظكم بواحدة إنا إنما يشكو بثه وحزنه، وإنما يوفي أجورهم أنتم يوم القيامة قوله: (لأن الحصر فيهن) أي: لأن المحصور فيه في هذه الآيات الظرف، وذلك لأن المحصور فيه بما وإلا وإنما يكون مؤخراً ولا يقدم إلا بدليل، والمؤخر في هذه الآيات كما يقتضيه المقام في كل من الآيات هو الظرف اهـ تقرير دردير، وقوله: في جانب الظرف وهو ليس ضميراً قوله: لا الفاعل أي حتى يجب فصل الضمير عن عامله ويؤخر، وحينئذ فاستدلاله على ما ادعاه بالآيات لا يتم، وإن كانت دعواه صحيحة فقد نقل الدماميني نحوه عن سيبويه. قوله (الكافة عن عمل الجر الخ) أي: سواء كان ذلك الجر بالحرف أو بالإضافة فالمكفوف بها عن عمل الجر حروف أربعة، والمكفوف بها عن عمل الجر بالإضافة ظروف أربعة.

  قوله: (وتتصل بأحرف) أي: أربعة قوله: (وأكثر ما تدخل) أي: رب حينئذ أي حين إذا اتصلت بها ما، وقوله وأكثر الخ وتدخل بقلة على الاسمية والثبوت فيه نوع شبه من المضي لأن الثابت معلوم قدره، فلذا دخلت عليه. قوله: (لأن التكثير) أي: المفاد برب. قوله: (مجهول) أي: فلا تدخل عليه بحال قوله: (ومن ثم) أي: من أجل دخولها على الماضي دون المستقبل. قوله: (على حكاية حال الخ) أي: وذلك أنهم لما يروا العذاب يتمنوا الإسلام قطعاً وهذه الحال استقبالية لكن لتحققها نزلت منزلة الماضي، ولذا عبر بربما وكان مقتضى التنزيل المذكور أن يعبر بالماضي ولكن عدل عن الماضي إلى