وهذا فصل عقدته للتدريب في «ما»
  موصولة أو شرطية، وعلى هذا فتحتاجُ إلى تقدير جواب، فإن قلت: «اصْنَعْ مَا تَصْنَعُ» امتنعت الشرطية، لأن شرط حذف الجواب مضي فعل الشرط.
  وتقول: «ما أَحْسَنَ ما كانَ زَيْدٌ»، فـ «ما» الثانية مصدريَّة، و «كان زيد» صلتها، والجملة مفعول، ويجوز عند مَنْ جوز إطلاق «ما» على آحاد مَنْ يعلم أن تقدّرها بمعنى «الذي»، وتقدّر «كان» ناقصةً رافعةً لضميرها وتنصب «زيداً» على الخبرية، ويجوز على قوله أيضاً أن تكون بمعنى «الذي» مع رفع «زيد»، على أن يكون الخبر ضمير «ما»، ثم حذف والمعنى: ما أحسن الذي كانه زيد! إلا أن حذف خبرِ «كان» ضعيف.
  وممَّا يُسأل عنه قول الشاعر في صفة فرس صافن: أي ثان في وقوفه إحدى قوائمه [من الكامل]:
  ٥٢٥ - ألِفَ الصُّفُونَ فَمَا يَزالُ كَأَنَّهُ ... مِمَّا يَقُومُ عَلَى الثَّلاثِ كَسِيرا
  فيقال: كان الظاهر رفع «كسيراً» خبراً لـ «كأنَّ».
  والجواب أنه خبر لـ «يزال»، ومعناه كاسر أي ثان كـ «رحيم» و «قدير»، لا
  هذا تكون واقعة على العاقل قوله: التقدير (جواب) أي: يدل عليه ما تقدم والأصل أصنع أي شيء صنعته أصنعه. قوله: (امتنعت الشرطية) أي: وتعينت الموصولية أي أصنع الذي تصنعه. قوله: (مضي فعل الشرط) أي: وهو هنا مضارع قوله: (فما الثانية مصدرية) أي: وأما الأولى فهي تعجبية مبتدأ وأحسن فعل ماض وفاعله مستتر فيه والجملة خبر ما. قوله: (والجملة مفعول) أي: لأحسن والمراد بالجملة جملة ما وصلتها يعني المصدر المنسبك منهما والتقدير ما أحسن كون زيد قوله: (ويجوز على قوله) أي: على قول من جوز وقوع ما على العاقل وقوله أن يكون أي ما قوله: (بمعنى الذي) مفعول أحسن وقوله على أن يكون الخبر أي خبر كان وقوله ثم حذف أي وجملة كان صلة ما. قوله: (أي ثاني في وقوفه إحدى قوائمه) أي: وهي ممدوحة في الخيل. قوله: (كسيرا) المتبادر أن كسيرا خبر لكان أنه مرفوع والجواب أنه. ليزال وخبر كأن مما يقوم وليس المراد كسير بمعنى مكسور كما هو المتبادر بل بمعنى كاسر أي ثان. قوله: (أي ثان) في نسخة
٥٢٥ - التخريج: البيت بلا نسبة في (الأزهية ص ٨٧؛ وأمالي ابن الحاجب ٢/ ٦٣٥؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٧٢٩؛ ولسان العرب ١٣/ ٢٤٨ (صفن)).
اللغة: ألف: اعتاد الصفون وقوف الفرس على ثلاث قوائم وطرف حافر الرابعة. كسيراً: بمعنى كاسر، أي ثان.
المعنى: تلك فرس عربية أصيلة اعتادت الوقوف على ثلاث وطرف الرابعة، حتى لتظنها ولدت كذلك.