تنبيهات
  وقال الفارسي في {وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ}[النور: ٤٣] يجوز كون «من» و «من» الأخيرتين زائدتين؛ فجوز الزيادة في الإيجاب.
  وقال المخالفون: التَّقدير: قد كان هو، أي: كائن من جنس المطر، و «فما قال هو» أي: قائل من جنس الكاشح، وإنه من أشد الناس أي إن الشأن، ولقد جاءك هو أي جاء من الخبر كائناً من نبأ المرسلين، أو ولقد جاءك نبأ المرسلين ثم حذف الموصوف، وهذا ضعيف في العربيّة، لأن الصفة غير مفردة؛ فلا يحسن تخريج التنزيل عليه.
  واختُلِف في «مِن» الداخلة على «قبل» و «بعد»؛ فقال الجمهور: لابتداء الغاية، ورُدَّ بأنها لا تدخل عندهم على الزمان كما مر، وأجيب بأنهما غير متأصلين في الظرفية وإنما هما في الأضل صفتان للزَّمان، إذ معنى «جئتُ قبلك»: جئت زَمَناً قبل زمن مجيئك؛ فلهذا سهل ذلك فيهما؛ وزعم ابن مالك أنها زائدة، وذلك مبني على قول الأخفش في عدم الاشتراط لزيادتها.
  وما كنا منزلين موصولة عطفاً على جند، والأصل ومما كنا منزلين أي ومن الذي كنا الخ، ولا شك أن الذي اسم موصول فجعل من الزائدة جارة للمعرفة وقد يقال إنه يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع لأن وما كنا عطف على قوله جند.
  قوله: (يجوز كون من) أي: في جبال وفي برد قوله: (وقال المخالفون) أي: الذين يشترطون النفي وكون المجرور نكرة. قوله: (التقدير قد كان هو الخ) أشار بذلك إلى أنه يقول إن كان تامة وفاعلها ضمير يعود على اسم الفاعل المفهوم من كان ومن لبيان الجنس أي قد كان الكائن حالة كونه من جنس المطر. قوله: (من جنس الكاشح) أي: ففاعل قال ضمير عائد على اسم الفاعل المفهوم من الفعل أي فالذي قاله القائل حالة كونه هذا الجنس لم يضرنا ولم تزل محبتها من عندنا قوله: (لأن الصفة غير مفردة) أي: وموصوف الصفة الغير المفردة لا يطرد حذفه إلا إذا كان بعض اسم مجرور بمن أو بفي. قوله: (فقال الجمهور) أراد بهم البصريين بدليل قوله بعد إنها لا تدخل عندهم الخ، وأما عند الكوفيين فتدخل عليها كما مر وحينئذ فلا يرد هذا الاعتراض عليهم، وقوله على الزمان أي وقبل وبعد من الظروف الزمانية.
  قوله: (غير متأصلين في الظرفية) أي: الزمانية قوله: (وإنما هما في الأصل صفتان للزمان) أي: وكذلك المكان فإذا قلت دار زيد قبل دار عمر وكان المعنى دار زيد في مكان قبل المكان الذي فيه دار عمرو قوله: (جئت زمناً قبل زمن مجيئك) أي: فحذف الموصوف وأقيمت صفة وهي الظرف مقامه ثم حذف المضافان بعده، وأقيم المضاف إليه وهو المكان مقامهما قوله: (فلهذا) أي: لكونهما في الأصل صفتين للزمان سهل فيهما