· (منذ، ومذ)، لهما ثلاث حالات:
  فقال المبرد وابن السراج والفارسي: مبتدآن وما بعدهما خبر، ومعناهما الأمدُ إن كان الزمان حاضراً أو معدوداً، وأولُ المدّة إن كان ماضياً. وقال الأخفش والزجاج والزجاجي: ظرفان مُخبَر بهما عمَّا بعدهما، ومعناهما «بين وبين» مضافين، فمعنى «ما لقيته مذ يومان» بيني وبين لقائه يومان؛ ولا خفاء بما فيه من التعسف. وقال أكثر الكوفيين: ظرفان مضافان لجملة حُذِفَ فعلها، وبقي فاعلها، والأصل: مذ كان يومان، واختاره السهيلي وابن مالك وقال بعض الكوفيين: خبر المحذوف، أي: ما
  لمدن الديار بقنة الحجر
  والحجر بكسر الحاء منازل ثمود بناحية الشام عند وادي القرى وقد قال تعالى: {كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ ٨٠}[الحجر: ٨٠] وقيتها أعلاها وأقوين خلون من سكانهن والحجج بكسر الحاء. جمع حجة بالكسر أيضاً وهي السنة والشاهد في قوله مذ حجج حيث جر بمذ والكثر حجج بالرفع. قوله: (فقال المبرد الخ) هذا الإعراب هو الذي اختاره ابن الحاجب في كافيته صرح في غيرها بأنه مذهب المحققين لكنه يشكل بعده لمذ ومنذ من الظروف مع اخيتاره لهذا الإعراب فيهما إذ كونهما مبتدأين منافٍ لكونهما ظرفين، ولم أعثر له على جواب مع شدة البحث عنه، قال الدماميني وقال الشني أقول لا منافاة بين كونهما مبتدأين وكونهما ظرفين متصرفين بأن يكون مبتدأين اهـ، قال الدماميني ومما استشكلت به على الابتدائية إن قيل ما الموجب لتقدم هذا المبتدأ وهلا جاز يومان منذ كما تقول يومان أمد ذلك، وأجيب بأنهم أجروها رافعة خافضة مجراها في أنها لا تدخل إلا على اسم الزمان اهـ. كلامه قوله: (ومعناهما الأمد) أي فإذا قيل ما رأيته مذ يومنا أو منذ ثلاثة أيام فالمعنى أمد انقطاع الرؤية يومنا أو ثلاثة أيام، وانقطاع الرؤية مأخوذ من النفي قوله: (أو معدوداً) نحو مذ ثلاثة أيام.
  قوله: (وأول المدة) فإذا قلت ما رأيته مذ يوم الجمعة وكان قد مضى فالمعنى أول مدة عدم الرؤية يوم الجمعة. قوله: (مخبر بهما) اعترض بأنه كان يجوز تأخيرهما لما هو أصل الإخبار وأجيب بأنهم حملوا حالة الرفع على حالة الجر. قوله: (مضافين) حال من بين وبين.
  قوله: (من التعسف) أي: لجعلهما بمعنى كلمتين مضافتين ولم يكن في المعنى تعرض لمعنى النفي على أنك إذا قلت ما رأيته منذ يوم الخميس يكون المعنى بيني وبين لقائه يوم الخميس، ولا شك أن هذا فاسد إذا لم يكن الكلام صادراً. يوم الجمعة التالي ليوم الخميس. قوله: (وقال أكثر الكوفيين ظرفان) أي: فيقول في ما رأيته مذ يومان ما نافية، ورأيته فعل وفاعل ومفعول ومذ ظرف متعلق برأيت ويومان فاعل فعل محذوف والجملة في محل جر بالإضافة لمذ.
  قوله: (والأصل مذ كان يومان) أي: وحينئذ فكان تامة قوله: (خبر المحذوف) الظاهر إن قوله خبر أي الاسم الذي بعدهما كما يدل عليه تقريره ولكن هذا لا يناسب