حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

أن المفتوحة الهمزة الساكنة النون

صفحة 87 - الجزء 1

  {وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ}⁣[الأعراف: ٤٣]، وتحتمل المصدرية بأن يُقدر قبلها حرف الجر، فتكون في الأولى «أن» الثنائية لدخولها على الأمر، وفي الثانية المخففة من الثقيلة لدخولها على الاسمية.

  وعن الكوفيين إنكارُ «أن» التفسيرية ألبتَّةَ، وهو عندي مُتَّجه، لأنه إذا قيل: «كَتَبْتُ إليه أَنْ قُمْ» لم يكن «قُمْ» نفسَ «كتبت»، كما كان الذهب نفس العسجدِ في قولك: «هَذا عَسْجَدٌ أي ذَهَبٌ»؛ ولهذا لو جئت بـ «أي» مكان «أن» في المثال لم تجده مقبولاً في الطبع.

  ولها عند مثبتها شروط:

  أحدها: أن تُسْبَق بجملة؛ فلذلك غُلط من جعل منها: {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ}⁣[يونس: ١٠]. والثاني: أن تتأخر عنها جملة؛ فلا يجوز «ذكرت عسجداً أن ذهباً»، بل يجب


  اصنع. قوله: (ونودوا ان تلكموا الجنة) أي: تودوا لإعلامهم بشيء هو أن تلكم. قوله: (وتحتمل المصدرية) أي: في هاتين الآيتين. قوله: (ان الثنائية) أي: وضعاً أي المختصة بالفعل الناصبة للمضارع والتقدير وأوحينا إليه بالأمر بصنع الفلك اهـ دماميني. قوله: (لدخولها على الإسمية) أي: ولا يصح جعلها الثنائية المصدرية؛ لأنها لا تدخل إلا على الفعل. قوله: (فليس قم نفس كتبت الخ) هذا التوجيه مبني على أن ما بعدها تفسير لنفس ما قبلها مع أن من قال بالتفسيرية لم يقل ذلك، وإنما المراد أن مضمون ما بعدها مفسر لمعمول ما قبلها إما مذكوراً نحو أوحينا إلى أمك ما يوحى أن اقذفيه أو مقدراً نحو كتبت إليه أن قم أي كتبت إليه شيئاً هو قم كما صرح بذلك الرضي وكذا فيما بعد اهـ تقرير دردير.

  قوله: (ولهذا) أي: لأجل كون الكتابة غير القيام قوله: (لو جئت بأي) أي: التفسيرية. قوله: (لم تجده مقبولاً في الطبع) فيه أنه لا مانع من القبول للطبع لذلك، ولو سلم فلا مدخل للطبع في الأحكام النحوية لا رداً ولا قبولاً اهـ تقرير دردير. قوله: (فلذلك غلط الخ) أي: لأنه لم يقع قبلها إلا مفرد وهو خلاف ما صرح به مثبتها من النحاة وإن أمكن معنى البيان فيهما من جهة أن ما بعدها خبر عما قبلها والخبر عين المبتدأ. قوله: (فلذلك غلط الخ) أي: فهي زائدة وليست مخففة من الثقيلة إذ الشرط وهو سبق ما دل على اليقين أو ما نزل منزلته لم يوجد اهـ تقرير دردير، ولكن الذي يؤخذ كلامهم أن المراد بقولهم أن تقع بعد فعل أنه إن تقدمها فعل لا يكون إلا بمعنى اليقين، أو ما نزل منزلته ولا ينافيه أنه لا يتقدمها فعل أصلاً تأمل ذلك وحرره قوله: (بل يجب الإتيان بأي) بأن يقال عسجد أي ذهباً، وهل أي حرف عطف أو لا خلاف يأتي.