حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

أن المفتوحة الهمزة الساكنة النون

صفحة 88 - الجزء 1

  الإتيان بـ «أيْ» أو ترك حرف التفسير، ولا فرق بين الجملة الفعلية كما مثلنا والاسمية، نحو: «كتبتُ إليه أن ما أنْتَ وَهذا».

  والثالث: أن يكون في الجملة السابقة معنى القول كما مرّ، ومنه {وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا}⁣[ص: ٦]، إذ ليس المراد الانطلاق المشي، بل انطلاق ألسنتهم بهذا الكلام، كما أنّه ليس المراد بالمشي المشي المُتَعارف، بل الاستمرار على الشيء.

  وزعم الزمخشري أنّ التي في قوله تعالى: {أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا}⁣[النحل: ٦٨] مفسّرة، وردَّهُ أبو عبد الله الرازي بأن قبله {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ}⁣[النحل: ٦٨]، والوحي هنا إلهام باتفاق، وليس في الإلهام معنى القول، قال: وإنما هي مصدرية، أي باتخاذ الجبال بيوتاً.

  والرابع: أن لا يكون في الجملة السابقة أخرُف القول؛ فلا يُقال: «قلتُ له أن


  قوله: (ولا فرق بين الجملة) أي: المتأخرة عنها. قوله: (كما مثلنا) أي: بقولنا كتبت إليه أن قم. قوله: (أو الإسمية) ظاهره أنه لم يمثل لها فيما مر وليس كذلك، بل قد مثل لها بقوله أن تلكم الجنة فلعله غفل عن ذلك قوله: (أن ما أنت وهذا) أي: كلاماً مضمونه أي: شيء ثبت لك هذا فما استفهامية مبتدأ وأنت خبر أو العكس. قوله: (كما مر) في كتبت إليه وأوحينا إليه ونود الخ. قوله: (وانطلق الملأ منهم أن امشوا) أي: تكلموا بألسنتهم بكلام هو امشوا قوله (وانطلق الملأ) أي: الجماعة منهم من الكفار. قوله: (إذ ليس المراد الخ) دفع بهذا ما يقال كيف تكون إن في هذه الآية مفسرة مع أن الجملة قبلها ليس فيها معنى القول قوله: (بل انطلاق ألسنتهم بهذا الكلام) أي: فيكون فيه معنى القول. قوله: (ليس المراد بالمشي المتعارف) وهو المشي على الأرجل. قوله: (بل الاستمرار على الشيء) وهو في هذا المقام عبادة الأصنام وحينئذ، فالمعنى وتكلم بألسنتهم بكلام هو دوموا على عبادة أصنامكم واستمروا عليها ويكون حينئذ قوله بعد واصبروا على الهتكم أي: على عبادتها عطف مرادف. قوله: (أن اتخذي من الجبال بيوتاً مفسرة) أي: لأنه تقدمها الوحي وفيه معنى القول دون حروفه، أي: فهو قد نظر اللفظ الوحي. قوله: (ورده أبو عبد الله الرازي) هو الفخر الرازي. قوله: (والوحي هنا) أي: في هذه الآية إلهام؛ لأنه لما لا يفعل وهو النحل، وأما لو كان الوحي لعاقل فهو فيه معنى القول دون حروفه، وكان بمعنى المكالمة قوله: (والوحي هنا إلهام) قد يقال ان الإلهام في معنى القول؛ لأن المقصود من القول الإعلام والإلهام فعل من أفعال الله تعالى يتضمن الإعلام بحيث يكون الملهم عالماً بما ألهم به والهام الله النحل من هذا القبيل تأمل. قوله: (وليس في الإلهام معنى القول) أي: لأنه ليس فيه معنى المكالمة. قوله: (وإنما هي مصدرية) أي: على تقدير الباء قبلها قوله: (أي باتخاذ الجبال بيوتاً) الصواب باتخاذ بيوت من الجبال قوله: (أن لا يكون في الجملة السابقة) أي؛ على أن المفسرة.