حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

(هل): حرف موضوع لطلب التصديق الإيجابي

صفحة 329 - الجزء 2

  سيبويه لم يَقُل ذلك.

  والثالث: دخول الهمزة عليها في البيت، والحرفُ لا يدخل على مثله في المعنى، وقد رأيت عن السيرافي أن الرواية الصحيحة «أمْ هَلْ»، و «أم» هذه منقطعة بمعنى «بل»؛ فلا دليل، وبتقدير ثبوت تلك الرواية فالبيتُ شاء؛ فيمكن تخريجه على أنه من الجمع بين حرفين لمعنى واحد على سبيل التوكيد، كقوله [من الوافر]:

  ولا للما بهمْ أَبَدًا دَوَاءُ

  بل الذي في ذلك البيت أسهل، لاختلاف اللفظين وكون أحدهما على حرفين، فهو كقوله [من الطويل]:

  ٥٧٢ - فَأَصْبَحَ لَا يَسْأَلْنَهُ عَنْ بِمَا بِهِ ... أَصَعْدَ في عُلُو الْهَوى أَمْ تَصَوَّبَا


  قوله: (لم يقل ذلك) أي: لم يقل أن هل بمعنى قد وفيه إن هذا يخالف ما ذكره سابقاً من أن ما نقله الزمخشري في الفصل عن سيبويه من أهل بمعنى قد إلا أنهم تركوا الألف قبلها الخ قد ثبت في كتاب سيبويه ذكره في باب أم المتصلة. قوله: (لم يقل ذلك) أي: دائماً هذا على نسخة وثبت فيم وتقدم، وأما على نسخة ولم أر في كتاب سيبويه الخ فيرد عليه أنه لا يلزم من عدم الرؤية لم يقل ذلك فهذه النسخة يرد عليها هذا الإيراد، وإن لو وافقها قوله وقد مضى الخ. قوله: (والحرف لا يدخل على مثله) أي: بأن يكون حرف الاستفهام دخل على حرف الاستفهام. قوله: (في المعنى) أي: فوجب حملها على معنى قد. قوله: (بمعنى بل) أي: وهي ليست للاستفهام وهذا القول هو الحق خلافاً لما. من أن أم المنقطعة تكون للاستفهام. قوله (فلا دليل) أي: في البيت على أن هل بمعنى قد. قوله: (فيمكن تخريجه) الأولى أن يقول فالبيت شاذ لما فيه من الجمع بين حرفين لمعنى واحد نظير قوله:

  ولا للما بهم أبداً دواءُ

  وظاهر قوله ويمكن تخريجه أي تأويله أي فيكون فليس شاذاً مع إنه حينئذ شاذ. قوله: (بل الذي في البيت) أي: بل الجمع بين الحرفين اللذين بمعنى في البيت السابق أسهل منه في هذا البيت. قوله (لاختلاف (اللفظين) أي: وهما الهمزة وهل. قوله: (عن بما به)


٥٧٢ - التخريج البيت للأسود بن يعفر في (ديوانه ص ٢١؛ وشرح التصريح ٢/ ١٣٠؛ والمقاصد النحوية ٤/ ١٠٣؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب ٩/ ١٢٧، ٥٢٩، ١١/ ١٤٢؛ والدرر ٤/ ١٠٥، ١٤٧؛ وسرّ صناعة الإعراب ص ١٣٦؛ وشرح الأشموني ٢/ ٤١١؛ وشرح شواهد المغني ص ٧٧٤؛ ولسان العرب ٣/ ٢٥١ (صعد)؛ وهمع الهوامع ٢/ ٢٢، ٣٠، ٧٨، ١٥٨).

شرح المفردات: صعد: ارتفع. تصوّب: انحدر.

المعنى: يصف الشاعر نفسه بعد أن ضعفت همته ووخطه الشيب بأنّ النساء لم يعدن يكترثن به، ولا يسألنه عمّا حلّ به سواء اشتدّ به الهوى أم خفت صوته.