حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· (الواو المفردة) انتهى مجموع ما يذكر من أقسامها إلى أحد عشر:

صفحة 338 - الجزء 2

  والثالث عشر: عطف الشيء على مُرَادفه، نحو: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ}⁣[يوسف: ٨٦] ونحو: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ}⁣[البقرة: ١٥٧]، ونحو: {عِوَجًا وَلَا أَمْتًا ١٠٧}⁣[طه: ١٠٧] وقوله عليه الصلاة والسلام: «ليلني منكم ذَوُو الأخلامِ والنهى»، وقول الشاعر [من الوافر]:

  ٥٧٨ - [وقَدَّدَتِ الأَدِيمَ لِرَاهِشَيْهِ] ... وَأَلفَى قَوْلَهَا كَذِباً وَمَيْنَا

  وزعم بعضُهم أن الرواية «كذباً مبيناً» فلا عطف ولا تأكيد، ولك أن تقدر «الأحلام» في الحديث جمع «حُلُم» بضمتين؛ فالمعنى: ليلني البالغون العقلاء، وزعم ابن مالك أن ذلك قد يأتي في «أو»، وأن منه {وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا}⁣[النساء: ١١٢].

  والرابع عشر: عطف المُقَدَّم على متبوعه للضرورة، كقوله [من الوافر]:


  بالفاء عامل حذف وبقي معموله على عامل مذكور لكن له معنى يجمعهما، وقوله صاعداً حال معملة للمحذوف عامل صاحبها. قوله: (وحزني إلى الله) أي: فالحزن هو البث. قوله: (صلوات من ربهم ورحمة) أي: فالصلوات والرحمة بمعنى. قوله: (ليليني) أي: في الصلاة. قوله: (ذوو الأحلام) جمع حلم بضمتين أي العقل وقوله النهي هو جمع نهية وهو العقل لأنه ينهى عما لا يليق. قوله: (وألفى) أي: جذيمة الأبرش أي وجد وضمير قولها للزباء والبيت لعدي بن الأبرش وصدره:

  وقددت الأديم لراهشيه

  قوله: (وزعم بعضهم أن الرواية الخ) قال الشيخ بهاء الدين بن السبكي وهو الأوفق لبقية القصيدة لأن أبياتها كلها مكسور فيها ما قبل الياء بخلاف ما رواه الجمهور فالظاهر أنه وهم. قوله: (بضمتين) أي: والمراد بالحلم البلوغ لا العقل كما يقول الأول. قوله: (أن ذلك) أي: عطف الشيء على مرادفه، وقوله قد يأتي في أو أي فليس من خصوصيات الواو. قوله: (عطف المقدم) أي: التابع المتقدم على متبوعه.


٥٧٨ - التخريج: البيت لعدي بن زيد في (ذيل ديوانه ص ١٨٣؛ والأشباه والنظائر ٣/ ٢١٣؛ وجمهرة اللغة ص ٩٩٣؛ والدرر ٦/ ٧٣؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٧٧٦؛ والشعر والشعراء ١/ ٢٣٣؛ ولسان العرب ١٣/ ٤٢٥ (مين)؛ ومعاهد التنصيص ١/ ٣١٠؛ وبلا نسبة في همع الهوامع ٢/ ١٢٩).

اللغة: قدرت قطعت الأديم الجلد المدبوغ الرواهش عروق ظاهر الكف. ألفى: وجد. المين: الكذب.

المعنى: يقول بعد أن ذكر مكرها وخداعها له: إنها قددت النطع وهو الجلد من عروقه، وفصدتها حتى مات، فغدرت به وقد وجد وعودها وقولها بأنها تتزوجه كذبا وزوراً والبيت عن الزباء وغدرها بجذيمة الوضاح.