حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

تنبيه

صفحة 340 - الجزء 2

  بمعناها في التقسيم كقولك: «الكلمة اسم وفعل وحرفٌ»، وقوله [من الطويل]:

  كما النَّاسِ مَجْرُومٌ عَلَيْهِ وَجَارِمُ

  وممن ذكر ذلك ابن مالك في التحفة، والصواب أنها في ذلك على معناها الأصلي، إذ الأنواع مجتمعة في الدخول تحتَ الجنس، ولو كانت «أو» هي الأصل في التقسيم، لكان استعمالها فيه أكثر من استعمال الواو.

  والثاني: أن تكون بمعنى «أو» في الإباحة، قاله الزمخشري، وزعم أنه يقال: «جالس الْحَسَنَ وابْنَ سيرين» أي أحدهما وأنه لهذا قيل: {تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ}⁣[البقرة: ١٩٦] بعد ذلك «ثلاثة» و «سبعة»، لئلا يتوهم إرادة الإباحة، والمعروف من كلام النحويين أنه لو قال: «جالس الحسَنَ وابن سيرين»، كان أمراً بمجالسة كل منهما، وجعلوا ذلك فرقاً بين العطف بالواو والعطف بـ «أو».

  والثالث: أن تكون بمعناها في التَّخيير، قاله بعضُهم في قوله [من الطويل]:

  ٥٨٠ - وَقَالُوا: نَأَتْ فَاخْتَرْ لَهَا الصَّبْرَ والبُكَا ... فقلت: البُكَا أَشْفَى إِذا لِغَلِيلِي


  قوله: (اسم وفعل وحرف) أي: فالواو بمعنى أو التي للتقسيم. قوله: (مجروم عليه وجارم) أي: إما مجروم عليه أو جارم فالناس قسمان فالواو هنا بمعنى أو التي للتقسيم. قوله: (على معناها الأصلي) أي: وهو مطلق الجمع قوله: (تحت الجنس) الحاصل إنك إذا ذكرت جنساً وعددت أنواعه فإن لاحظت أن تلك الأنواع مجتمعة تحت ذلك الجنس أتيت بالواو كما في الكلمة اسم وفعل وحرف والحال إنك قصدت دخولها تحت الكلمة، وإن لاحظت أنها أنواع مبتاينة أتيت بأو فتقول اسم أو فعل أو حرف وهذا في تقسيم الكلي، وأما تقسيم الكل فتتعين فيه الواو. قوله: (لكان استعمالها فيه أكثر) أي: مع أنه ليس كذلك. قوله: (بمعناها في الإباحة) أي: التي يجوز فيها الجمع بين الطرفين.

  قوله: (أي أحدهما) أي: بالمأمور به مجالسة أحدهما، وإن كان الجمع بين مجالستهما جائزاً. قوله: (لهذا) علة مقدمة على المعلول وهو قول قيل أي لأجل إتيان الواو للإباحة. قوله: (إرادة الإباحة) أي: فيتوهم أن المراد صيام ثلاثة أيام في الحج فإن لم تصوموها فصوموا سبعة إذا رجعتم مع أنه ليس المراد بل المراد صيام كل من الثلاثة والسبعة. قوله: (إرادة الإباحة) أي وإلا كان لا حاجة لذكر قوله فتلك عشرة كاملة لأن ذلك معلوم. قوله: (بمجالسة كل منهما) أي إلا لقرينة تدل على أن القصد أن لا يخرج عنهما قوله: (وجعلوا ذلك) أي: الأمر بمجالسة كل قوله: (والعطف بأو) أي: فإن القصد الأمر بمجالسة واحد منهما لا يعينه قوله: (وقالوا نأت) أي: المحبوبة من الوصال


٥٨٠ - التخريج البيت لكثير عزة في (ديوانه ص ١٤٤؛ وأمالي القالي ٢/ ٦٤؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٥٨١؛ والمقاصد النحوية ٣/ ٤٠٤؛ وبلا نسبة في شرح الأشموني ٢/ ٤٢٥). =