حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· (الواو المفردة) انتهى مجموع ما يذكر من أقسامها إلى أحد عشر:

صفحة 341 - الجزء 2

  قال: معناه أو البكاء، إذ لا يجتمع مع الصبر. ونقول: يحتمل أن يكون الأصل: فاختر من الصبر والبكاء، أي: أحدهما، ثم حذف «مِنْ» كما في {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ}⁣[الأعراف: ١٥٥]، ويؤيده أن أبا علي القالي رواه بـ «من». وقال الشاطبي رحمه الله في باب البسملة «وصل واسْكُتَا»، فقال شارحو كلامه: المراد التخيير، ثم قال محققوهم: ليس ذلك من قِبَل الواو، بل من جهة أن المعنى: وَصِلْ إن شئت واسكتن إن شئت؛ وقال أبو شامة: وزعم بعضهم أن الواو تأتي للتخيير مجازاً.

  والثاني: أن تكون بمعنى باء الجر، كقولهم: أنْتَ أَعْلَم وَمَالُك» و «بْعِتُ الشَّاء


  وقوله فاختر لها أي لأجلها قوله: (إذ لا يجتمع الخ) أي: لأن الصابر لا يبكي والباكي ليس بصابر.

  قوله: (وتقول يحتمل الخ) أي: ويحتمل أن المعنى اختر الصبر ساعة والبكاء أخرى على أتباعها وطلبها ويحتمل أن يكون البكاء معفولاً لفعل محذوف والتقدير واترك البكاء ويدل عليه السياق والسياق فإن الأمر باختيار الصبر أمر في المعنى بترك البكاء، وقوله فقلت البكاء أشفى إذاً لغليلي يشير لذلك والغليل حرارة العطف واستعمله هنا في مطلق الحرارة مجازاً. قوله: (أي أحدهما) أي: فالأصل اختر من الصبر والبكا أحدهما فيكون حذف من والمفعول فقول ثم حذف من أي والمفعول قوله: (رواه بمن) أي: بدل لها. قوله: (المراد التخيير) أي: لأنه لا يتأتى الجمع بين الوصل والسكات ولما كان المتبادر من هذا الكلام أن التخيير مستفاد من الواو مع أنها لمطلق الجمع أتى بكلام المحققين من الشراح وأتى بكلام أبي شامة إشارة إلى جواز أن يكون التخيير من الواو لأنها قد تستعمل فيه مجازاً. قوله: (ثم قال محققوهم). القصد من نقل كلام المحققين وكلام أبي شامة الرد على من قال إن الواو تستعمل للتخيير كأو.

  قوله: (أن المعنى) أي: فالتخيير من فحوى الكلام قوله: (قال أبو شامة) هو من شراح الشاطبية وكلامه مقابل لكلام المحققين كما أنه مقابل للقائل بأنها للتخيير. قوله: (والثاني) أي: من الأوجه الثلاثة التي تخرج الواو عن معناه الأصلي وتستعمل فيها. قوله: (أنت أعلم ومالك) أي: قالوا وحرف عطف ومال عطف على أنت لكن ليس العطف هنا للتشريك بل الواو في الحقيقة بمعنى باء الجر متعلقة بأعلم ورد هذا بأنه يحتمل أن الأصل أنت أعلم بمالك فأنت ومالك أي مقترنان فأنت ومالك بمنزلة كل رجل وضيعته وعلى هذا ففي الكلام حذف متعلق أعلم وحذف المبتدأ والخبر معاً. قوله: (الشاء) اسم جنس وقوله شاة أي كل شاة بدل مما قبله وقوله ودرهماً أي بدرهم أي بعت الشاء كل شاة


= اللغة والمعنى: نأت ارتحلت وبعدت الغليل: شدة العطش، وهنا، حرقة الفؤاد.

يقول: قالوا لي إنها ارتحلت وبعدت عنك، فاختر ما بين الصبر على الفراق والبكاء، فقلت لهم: إن البكاء أجدى لحرقة الفؤاد.