حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

والثاني والثالث من أقسام الواو: واوان يرتفع ما بعدهما

صفحة 345 - الجزء 2

  ومن أمثلتها داخلة على الجملة الفعلية قوله [من الطويل]:

  ٥٨٢ - بِأَيْدِي رِجَالٍ لَمْ يَشِيمُوا سُيُوفَهُمْ ... ولَمْ تَكْثُرِ الْقَتْلَى بِهَا حِينَ سُلْتِ

  ولو قدرتها عاطفة لانقلب المدح ذما.

  وإذا سبقت بجملة حالية احتملت - عند مَنْ يجيز تعدد الحال - العاطفة والابتدائية، نحو: {اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ}⁣[الأعراف: ٢٤].


  قوله: (ومن أمثلتها الخ) أي: من أمثلة الواو التي للحال وفيه أن الكلام في الواو التي يرفع الاسم بعدها وهذا خروج عن الموضوع أي كونها داخلة على الفعل والموضوع دخولها على الاسم المرفوع، وأما كونها تدخل على الجملة الفعلية أو لا تدخل فشيء آخر. قوله: (ومن أمثلتها) أي: واو الحال مطلقاً لا بقيد الداخلة على الاسمية السابقة.

  قوله: (لم يشيموا) أي: لم يغمدوا سيوفهم أي لم يدخلوها في أغمدتها حال عدم كثرة القتلى أي انتفى الإدخال حال عدم كثرة القتلى بها فالثابت لهم إدخالهم في الأعمدة حال كثرة القتلى بها وهذا على جعل الواو للحال وأما على جعلها عاطفة فالمعنى انتفى إشامتهم أي إدخالهم السيوف في الأعمدة وانتفى كثرة القتلى منهم بها وهذا يشعر بذمهم لجبنهم وخوفهم، وأجاب بعض بأن المعنى ولم يكثروا الخ أي بحيث يقتلون أراذلة الناس بل إنما يقتلون أكفاءهم وهم قليلون فعدم الكثرة لكونهم لا يقتلون إلا الكفء. قوله: (لم يشيموا) يقال شمت السيف بالكسر عمدته ويطلق على السل أيضاً فهو من أسماء الأضداد كذا في ملا علي قاري قوله: (إذا سبقت) أي: الواو. قوله: (عند من يجيز تعدد الحال) أي: وأما عند من يمنعه فيقول إنه يتعين الابتدائية ولا يصح العطف كذا قرر. قوله: (تعدد الحال العاطفة) أي: فتكون الجملة بعدها حالاً قوله: (والابتدائية) أي: كونها للاستئناف كذا قرر. قوله: (والابتدائية) الأشهر حملها على الحالية الداخلة على الجملة الاسمية ليكون من عدد الحال بلا عطف، وأما من منع تعدد الحال فيتعين العطف والخلاف في تعدد الحال من غير عطف، أما معه فلا خلاف في جوازه قوله: (اهبطوا بعضكم الخ) الجملة حالية.


٥٨٢ - التخريج: البيت للفرزدق في (ديوانه ص ١٣٩ (طبعة الصاوي)؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ١٢٢؛ وشرح شواهد المغني ص ٧٧٨؛ ولسان العرب ١٢/ ٣٣٠ (شيم)؛ وبلا نسبة في تذكرة النحاة. ص ٦٢٠؛ وشرح المفصل ٢/ ٦٧؛ ولسان العرب ٢٣٥/ ٤ (خرر)).

اللغة: لم يشيموا سيوفهم لم يغمدوها أي لم يعيدوها إلى قربها، وقال قوم: المراد لم يسلوها أي لم يخرجوها من أ أغمادها. المعنى: انظر إلى هؤلاء الفرسان فسيوفهم لم يعيدوها إلى أغمادها، لأن عدد القتلى قليل، فآثروا أن تبقى سيوفهم مرفوعة مصوّبة لهؤلاء الأعداء، وفي حال كثرة قتلى أعدائهم نراهم وقد أعادوا تلك السيوف إلى أغمادها.