حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· (الواو المفردة) انتهى مجموع ما يذكر من أقسامها إلى أحد عشر:

صفحة 353 - الجزء 2

  مجيئهم إكراماً لهم عن أن يقفوا حتى تفتح لهم.

  الثالث: {وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ}⁣[التوبة: ١١٢] فإنه الوصْفُ الثامن، والظاهر أن العطف في هذا الوصف بخصوصه إنما كان من جهة أنّ الأمر والنهي من حيث هما أمر ونهي مُتقابلان بخلاف بقيَّة الصفات، أو لأن الآمر بالمعروف ناه عن المنكر، وهو ترك المعروف، والناهي عن المنكر آمر بالمعروف؛ فأُشير إلى الاعتداد بكل منهما وأنه لا يكتفى فيه بما يحصل في ضمن الآخر؛ وذهب أبو البقاء، على إمامته، في هذه الآية مذهب الضعفاء، فقال: إنما دخلت الواو في الصفة الثامنة إيذاناً بأن السبعة عندهم عدد تام؛ ولذلك قالوا سبع في ثمانية أي سبع أذرع في ثمانية أشبار، وإنما دخلت الواو على ذلك لأن وضعها على مغايرة ما بعدها لِمَا قَبْلَها.


  إنما هو على جعلها للحال فقوله قبل أي على جعلها للحال قوله: (إكراماً) أي: بخلاف النار فإنها سجن لا تفتح إلا عند الإدخال كما هو عادة السجن لا يفتح إلا للداخل فيه أو الخارج منه. قوله: (الثالثة) أي: من الآيات التي استدل بها على وجود واو الثمانية. قوله: (فإنه الوصف الثامن) أي: من الأوصاف المذكورة في المجاهدين في سبيل الله. قوله: (من حيث هما أمر ونهي) احترز به عن حيثية تعلق الأمر بالمعروف وتعلق النهي بالمنكر فإنهما من هذه الحيثية متلازمان لا متقابلان كما قال بعد. قوله: (متقابلان) أي: متضادان فقد امتازا عن الصفات السابقة بالتضاد فناسب أن يمتازا في الظاهر بواو وليست تلك الواو شرطاً في صحة العطف ولا في حسنه قوله (وهو) أي: المنكر وقوله ناه عن المنكر أي لأن الأمر بالشيء نهي عن ضده.

  قوله: (فأشير) أي: بالواو وقوله إلى الاعتداد الخ أي أنه أشار بالواو إلى أن كل واحد منهما معتد به في ذاته وأنه لا بد من وجود كل منهما ولا يكفي الوجود الضمني وذلك لأن شأن العطف المغايرة فلو ترك الواو لتوهم أن أحدهما يغني عن الآخر لأن كل واحد منهما يستلزم الآخر. قوله: (على إمامته) أي: مع كماله فكأنه استعلى على الإمامة وملكها. قوله: (إنما دخلت) أي: الواو. قوله: (عدد تام) أي: وإن ما بعدها عدد مستأنف. قوله: (ولذلك) أي: لكون السبعة عدداً تاماً. صبح ضربهم السبعة في الثمانية وجعلوا الثمانية ظرفاً للسبعة وما ذلك إلا لكون السبعة عدداً تاماً وفيه أن كل عدد يضرب في غيره سواء كان تاماً أو غير تام ألا ترى أن الثلاثة وغيرها تضرب في الثمانية وفي غيرها فهذه العلة لا تفيد شيئاً تأمله؛ ويمكن أن يقال إن قولهم سبعة في ثمانية اشتهر منهم على أنه مثل أو شبه لما اختاروها مضروبة كان ذلك دليلاً على أن تلك السبعة عدد تام تأمل ذلك. قوله: (وإنما دخلت الخ) هذا من كلام المصنف رد لكلام أبي البقاء بأنها واو الثمانية. قوله: (على ذلك) أي: الوصف الثامن قوله (لأن وضعها) أي: الإتيان بها أي بالواو وقوله على مغايرة أي لأجل مغايرة ما بعدها لما قبلها فلما امتازا عن نعت الصفات