حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· (الواو المفردة) انتهى مجموع ما يذكر من أقسامها إلى أحد عشر:

صفحة 352 - الجزء 2

  وقيل: هي واو الحال وعلى هذا فيقَدَّر المبتدأ اسم إشارة، أي: هؤلاء سبعة، ليكون في الكلام ما يعمل في الحال؛ ويردّ ذلك أن حذف عامل الحال إذا كان معنويا ممتنع، ولهذا ردُّوا على المبرد قوله في بيت الفرزدق [من البسيط]:

  فأَصْبَحُوا قَدْ أعَادَ اللَّهُ نِعْمَتَهُمْ ... إِذْ هُمْ قَرَيْسٌ وَإِذْ مَا مِثْلَهُمْ بَشَرُ

  إن «مِثْلَهم» حال ناصبها خبر محذوف، أي: وإذ ما في الوجود بشر مماثلاً لهم.

  الثانية: آية الزمر، إذ قيل {فُتِحَتْ} في آية النار لأن أبوابها سبعة، {وَفُتِحَتْ}⁣[الزمر: ٧٣] في آية الجنّة إذ أبوابها ثمانية وأقول: لو كان لواو الثمانية حقيقة لم تكن الآية منها؛ إذ ليس فيها ذكر عَدَدٍ ألبتة، وإنما فيها ذكر «الأبواب»، هي جمع لا يدلّ على عدد خاص، ثم الواو ليست داخلة عليه بل على جملة هو فيها، وقد مَرَّ أن الواو في {وَفُتِحَتْ} مُقحمة عند قوم وعاطفة عند آخرين؛ وقيل: هي واو الحال أي: جاؤوها مُفتَّحَة أبوابها كما صُرِّح بـ «مفتحة» حالاً في {جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ ٥٠}⁣[ص: ٥٠] وهذا قول المبرّد والفارسي وجماعة؛ قيل: وإنما فتحت لهم قبل


  قوله: (قيل ذلك) لأن العالم بالتصديق لما كان قليلاً لزم أن يكون العالم بهم وهو العالم بالتصديق قليلاً. قوله: (واو الحال) أي: وسبعة خبر لمبتدأ محذوف. قوله: (اسم إشارة) أي: وتكون الإشارة لهم لجريان ذكرهم قوله: (ليكون الخ) هذا وجه تقديره اسم إشارة. قوله: (ما يعمل في الحال) أي: وهو اسم الإشارة لأن فيه معنى الفعل وهو أشير والحال يكفي في العمل فيها رائحة الفعل قوله: (ويرد ذلك) قد يقال أنا نقدره اسم إشارة ولكن نجعل العامل غير معنوي بل اسم مفعول والأصل هؤلاء معدودون والحال أن ثامنهم كلبهم ولا منع ولا شيء لكن هذا وإن كان جائزاً إلا أنه بعيد من الكلام كما أن تقدير اسم الإشارة كذلك. قوله: (إذا كان معنوياً) المراد به ما فيه معنى الفعل دون حروفه كاسم الإشارة والجار والمجرور وليت ولعل وكأن لأن فيها معنى الفعل دون حروفه. قوله: (وإذ ما في الوجود) خبر مقدم وبشر مبتدأ ومماثلاً لهم حال قوله: (لو كان لواو الثمانية حقيقة) أي لا نسلم أن لها حقيقة، ولو سلمنا ذلك فالآية ليست من ذلك القبيل.

  قوله: (إذا ليس فيها ذكر عدد) أي واو الثمانية عند هؤلاء الجماعة القائلين بها هي الداخلة على لفظ ثمانية حال سرد العدد قوله: (لا يدل على عدد خاص) أي: لا على سبعة ولا على ثمانية ولا على أقل ولا على أكثر. قوله: (ثم الواو الخ) هو ترق في الاعتراض أي سلمنا أنه دال على عدد خاص، وأن المراد بالجميع عدد خاص فالواو ليست داخلة على ذلك الجمع الذي أريد منه العدد الخاص على التسليم. قوله: (وقيل هي واو الحال) أي: فجملة الأقوال في هذه الواو ثلاثة غير القول بأنها واو الثمانية. قوله: (حالا من جنات عدن) أي: حال كون مفتحة حالاً قوله: (وإنما فتحت الخ) هذا الكلام