حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الجمل التي لا محل لها من الإعراب

صفحة 397 - الجزء 2

الجمل التي لا محل لها من الإعراب

  وهي سبع، وبدأنا بها لأنها لم تحلّ محلّ المفرد، وذلك هو الأصل في الجمل.

  فالأولى: الابتدائية، وتُسمى أيضاً المستأنفة، وهو أوضح، لأن الجملة الابتدائية تُطلق أيضاً على الجملة المصدّرة بالمبتدأ، ولو كان لها محل، ثم الجمل المستأنفة نوعان:

  أحدهما: الجملة المُفْتَتَح بها النُّطق، كقولك ابتداء: «زيد قائم»، ومنه الجمل المفتتح بها الشور.

  والثاني: الجملة المنقطعة عمّا قبلها نحو «مات فلان، رحمه الله»، وقوله تعالى: {قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا ٨٣ إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ}⁣[الكهف: ٨٣ - ٨٤]، ومنه


الجمل التي لا محل لها من الأعراب

  قوله: (تطلق أيضاً على الجملة المصدرة بالمبتدأ ولو كان لها محل) أي: وهذا غير مراد وذلك كما في جاء زيد ويده على رأسه فإن جملة يده على رأسه ابتدائية بهذا المعنى ولها محل قوله (تطلق أيضاً) أي كما تطلق على الجملة التي ابتداء بها الكلام سواء صدرت بمبتدأ أو بفعل ولا محل لها من الإعراب وهذا المعنى هو المراد. قوله: (تطلق أيضاً الخ) وأيضاً الابتدائية يتوهم قصرها على المفتتح بها النطق. قوله: (المفتتح بها النطق) وهذه تسمى مستأنفة استئنافاً تاماً قوله: (المفتتح بها السور) نحو: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ١}⁣[القدر: ١] {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ}⁣[الفتح: ١]. قوله: (المنقطعة) أي: لفظاً أو معنى فمثال المنقطعة لفظاً ما مثل به المصنف فإن رحمه الله منقطعة لفظاً لأنه ليس هاء حرف يوصلها بها، وأما في المعنى فإن الرحمة مرتبطة بالموت ومثال المعنى ثم يعيده من قوله أو لم يروا كيف يبدأ الله الخلق ثم يعيده فإن الإعادة منقطعة عما قبلها لفظاً لأن الإعادة لم تقع حتى يحملوا على الإقرار برؤيتها وليس انقطاعاً لفظاً بل متصلة فيه لأن ثم للعطف والضم. قوله: (المنقطعة عما قبلها) المراد بانقطاعها عما قبلها عدم تعلقها بها تعلقاً صناعياً بإتباع أو إخبار أو حالية سواءً كان هناك انقطاع في المعنى أو في اللفظ فقط فلا يضر الارتباط معنى بغير ذلك فيدخل في ذلك جملة آمن الناس من قوله تعالى كما آمن الناس، وإن ارتبطت من حيث التشبيه فالارتباط معنى لا يستلزم تخلية الإعراب إلا من جملة الصلة. قوله: (رحمه الله) أي فجملة رحمه الله منقطعة عما قبلها لأنها إنشائية.