حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الجمل التي لا محل لها من الإعراب

صفحة 401 - الجزء 2

  الثالث: {إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا}⁣[يونس: ٦٥]، بعد قوله تعالى: {فَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ}⁣[يونس: ٦٥] وهي كالتي قبلها وفي جمال القراء للسخاوي أن الوقف على قولهم في الآيتين واجب، والصواب أنه ليس في جميع القرآن وقف واجب.

  الرابع: {ثُمَّ يُعِيدُهُ}⁣[العنكبوت: ١٩] بعد {أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ}⁣[العنكبوت: ١٩] لأنّ إعادة الخلق لم تقع بعد فيقرروا برؤيتها، ويؤيد الاستئناف فيه قوله تعالى على عقب ذلك: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ}⁣[العنكبوت: ٢٠].

  الخامس: زعم أبو حاتم أنَّ مِنْ ذلك {تُثِيرُ الْأَرْضَ}⁣[البقرة: ٧١]، فقال: الوقف على {ذَلُولٌ} جيد، ثم يتبداء {تُثِيرُ الْأَرْضَ} على الاستئناف، ورده أبو البقاء بأن ولا إنما تعطف على النفي، وبأنها لو أثارت الأرض كانت ذُلُولاً. ويرد اعتراضه


  له قوله: (فلا يحزنك قولهم) هكذا بالفاء في أكثر النسخ والتلاوة ولا يحزنك بالواو، واعترض عليه أن الاستئناف فيهما غير خفي وإنما يخفى على بليد لم يتدبر في معنى الآية لأن كل أحد يعلم أن الكفار لم يصدر منهم أنا نعلم ما يسرون وما يعلنون ولا قول أن العزة لله جميعاً، وحينئذ فلا ينبغي أن يعد هذا الاستئناف الخفي. قوله: (وهي كالتي قبلها) أي: في كونها يتبادر إلى الذهن إنها من مقولهم قوله: (وقف واجب) أي: سواء كان له سبب أو لا.

  وأجيب بأن المراد واجب صناعي والمنفي الوجوب الشرعي. قوله: (الرابع) أي: من أمثلة الاستئناف الذي قد يخفى. قوله: (ثم يعيده) أي: فالمتبادر العطف على ما قبله وإن الله يقررهم على رؤيتهم بدء الخلق وإعادته قوله: (بعد) أي: إلى الآن حتى إنهم يقررون برؤيتها. قوله: (ثم الله ينشاء الخ) أي: فقد غير الأسلوب ولم يقل ثم نشأه فهذا دليل على الاستئناف قوله: (زعم أبو حاتم أن من ذلك) أي: من الاستئناف الخفي وحق السياق الخامس تثير الأرض عند أبي حاتم والمتبادر أن تثير صفة لذلول أي لا مذللة بإثارة الأرض أي بالعمل والحرث ولا تسقي الحرث أي الزرع فمن قال الحسن هي بقرة كانت وحشية لا يحرث بها ولا يسقى قوله: (بان ولا الخ) هذا كلام أبي البقاء فالمعنى ويدلك أن المصنف سيأتي برد كلام أبي البقاء، ولو كان هذا عين كلامه لاعترض المصنف عليه بأن العاطف الواو لا ولا قوله: (على النفي) أي: ولو جعلت مستأنفة لكانت الواو من ولا عاطفة على مثبت وفيه تسمح لأن العاطف الواو وحدها فالأولى الواو الداخلة على لا لا تعطف إلا على منفي. قوله:

  (وبأنها لو أثارت الأرض) أي: أثارت غبارها، وهيجتها، وقوله كانت ذلولاً أي مذللة للحرث لأنها لا تثير الغبار من الأرض إلا إذا علقت في المحراث ومتى علقت فيه