حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

تنبيهات - الأول

صفحة 400 - الجزء 2

  الأصل «لئلا يسمعوا ثم حذفت اللام كما في جئتك أن تكرمني» ثم حذفت «أن» فارتفع الفعل كما في قوله [من الطويل]:

  ٦١٦ - أَلا أَيُّهَذَا الزَّاجِري أَحْضُرَ الْوَغَى ... [وَأَنْ أَشْهَدَ اللَّذَّاتِ هَلْ أَنْتَ مُخْلِدِي]

  فيمن رفع «أحضُر»، واستضعف الزمخشري الجمع بين الحذفين.

  فإن قلت: اجعلها حالاً مقدّرة، أي: وحفظاً من كلِّ شيطان مارد مُقدَّراً عدمُ سماعه، أي: بعد الحفظ.

  قلت: الذي يُقدِّر وجودَ معنى الحال هو صاحبها كالمرور به في قولك: «مررتُ برجل معه صَقْرٌ صائداً به غداً»، أي مقدراً حال المُرور به أن يصيد به غداً، والشياطين لا يقدرون عدم السماع ولا يُريدونه.

  الثاني: {إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ٧٦}⁣[يس: ٧٦] بعد قوله تعالى: {فَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ}⁣[يس: ٧٦] فإنه ربما يتبادر إلى الذهن أنه محكي بالقول، وليس كذلك، لأن ذلك ليس مَقُولاً لهم.


  فإطلاق القول بالفساد لا يصح. قوله: (إن الأصل لئلا الخ) أي: فهو علة لقوله وحفظاً. قوله: (أحضر الخ) أي: فالأصل عن أن أحضر الوغى فحذف أن بعد حذف عن فرفع الفعل بعد أن كان منصوباً على حد تسمع بالمعيدي الخ. قوله: (واستضعف الزمخشري الخ) قد يقال إنه يرد عليه هذا البيت على أنه في كلام العرب كثير. قوله: (أجعلها حالاً مقدرة) هذا وارد على قوله سابقاً لا يصح جعلها حالاً وحاصله أن الممنوع على جعلها حالاً إذا جعلت مقارنة فلو جعلتها منتظرة لصح الكلام قوله: (هو صاحبها) قد يقال هذا غير لازم ولو قيل في المثال مقدراً على صيغة اسم المفعول لصح سواء كان المقدر ذلك الرجل أو غيره سلمنا أن المقدر هو صاحبها فلا مانع هنا من أن الشياطين يقدرون عدم سماعهم لما شاهدوا من الكواكب المتزاحمة، وأما الإرادة فغير لازمة كما إذا قيل للمظلوم أدخل السجن خالداً فيه اهـ دماميني قوله: (مقدراً) أي: ذلك الرجل. قوله: (لا يقدرون عدم السماع) أي: وإنما يقدرون حين ارتقائهم السماء السماع لأنهم راجون


٦١٦ - التخريج البيت لطرفة بن العبد في (ديوانه ص ٣٢؛ والإنصاف ٢/ ٥٦٠؛ وخزانة الأدب ١/ ١١٩، ٨/ ٥٧٩؛ والدرر ٣/ ٣٣، ٩/ ٩٤؛ ورصف المباني ص ١١٣؛ وشرح ابن عقيل ص ٥٩٧؛ وشرح المفصل ٢/ ٧ / ٤/ ٢٨، ٧/ ٥٢؛ ومجالس ثعلب ص ٣٨٣؛ وهمع الهوامع ٢/ ١٧).

اللغة والمعنى: الزاجري: المانعي الوغى الحرب مخلدي: ضامن بقائي خالداً.

يقول: أيها الإنسان الذي يلومني على حضور اللذات والحروب، هل تضمن لي بقائي خالداً إذا امتنعت عنها؟