تنبيه - وقد ذكر لـ «أن» معان أربعة أخر
  شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ}[المائدة: ٢] {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ ٥}[الزخرف: ٥]، وقد مضى أنه رُوي بالوجهين قوله [من الطويل]:
  أَتَغْضَبُ إِنْ أُذْنا قُتَيْبَةً حُزَّتا
  الثاني: مجيء الفاء بعدها كثيراً، كقوله [من البسيط]:
  ٤٤ - أَبَا خُرَاشةَ أَمَّا أَنْتَ ذَا نَفَرٍ ... فَإِن قَوْمِي لَمْ تَأْكُلُهُمُ الضَّبُعُ
  الثالث: عطفها على «إن» المكسورة في قوله [من البسيط]:
  فهي تذكر ومن قرأ بالفتح فينصب تذكر، ولكن بعضهم يشدد الكاف وهم نافع وابن عامر وعاصم والكسائي وبعضهم وهم ابن كثير، وأبو عمرو يخففها، وفيه أنه على كل فالفاء للعطف والمعطوف عليه تضل منصوباً لا مجزوماً فيتعين أن تكون غير شرطية ويرد على المصنف ويمكن أن يجاب بأنا لا نسلم أنه نصب هذا الفعل بالعطف على أن تضل بل منصوب بأن مضمرة بعد الفاء الواقعة بعد الشرط. قوله: (وقد مضى الخ) الاستدلال بهذا كله بناء على ما ذكره من أن الأصل التوافق. قوله: (كقوله أبا خراشة) أي: قول العباس بن مرداس السلمي واستظهر الرضي أن أن في هذا البيت شرطية لمساعدة المعنى واللفظ له أما المعنى فلأن قوله أما أنت الخ أي: إن كنت ذا نفر فإنا كذلك؛ لأن قومي الخ، وأما اللفظ فلمجيء الفاء كما قال المصنف ويحتمل أن يكون ما بعد الفاء جواب شرط مقدر وأن مصدرية كما ذهب إليه الجمهور لا شرطية والمعنى لا تفتخر علي؛ لأن كنت ذا نفر، فإن فخرت بذلك فحرت أنا بمثله؛ لأن قومي الخ.
٤٤ - التخريج: البيت لعباس بن مرداس في (ديوانه ص ١٢٨؛ والأشباه والنظائر ٢/ ١١٣؛ والاشتقاق ص ٣١٣؛ وخزانة الأدب ٤/ ١٣، ١٤، ١٧، ٢٠٠، ٥/ ٤٤٥، ١١/ ٦٢؛ والدرر ٢/ ٩١؛ وشرح شواهد الإيضاح. ٤٧٩؛ وشرح شواهد المغني، ١/ ١١٦، ١٧٩؛ وشرح قطر الندى ١٤٠؛ ولجرير في ديوانه ١/ ٣٤٩؛ والخصائص ٣/ ٣٨١؛ وشرح المفصل ٢/ ٩٩، ٨/ ١٣٢؛ والشعر والشعراء ١/ ٣٤١؛ والكتاب ١/ ٢٩٣؛ ولسان العرب ٦/ ٢٩٤ (خرش)، ٨/ ٢٠٧ (ضبع)؛ والمقاصد النحوية ٢/ ٥٥؛ وبلا نسبة في الأزهية ص ١٤٧؛ وأمالي ابن الحاجب ١/ ٤١١، ٤٤٢؛ والإنصاف ١/ ٧١؛ وأوضح المسالك ١/ ٢٦٥؛ وتخليص الشواهد. ص ٢٦٠؛ والجنى الداني ص ٥٢٨؛ وجواهر الأدب، ١٩٨، ٤١٦، ٤٢١؛ ورصف المباني ص ٩٩، ١٠١؛ وشرح الأشموني ١/ ١١٩؛ وشرح ابن عقيل ص ١٤٩؛ ولسان العرب ١٤/ ٤٧ (أما)؛ والمنصف ٣/ ١١٦؛ وهمع الهوامع ١/ ٢٣).
اللغة والمعنى: أبو خراشة: كنية الشاعر خفاف بن ندبة النفر: جماعة من الناس، وهنا تعني الكثرة الضبع حيوان معروف، وهنا تعني السنوات المجدبة.
يقول: يا أبا خراشة لا تفخر عليّ بكثرة عدد رجالك، فإنّما قومي لم تكن قلتهم بسبب الجوع والحرمان، ولم تؤثر فيهم السنوات المجدبة. ولكن بسبب الجهاد والحرب، وهذا هو عزّهم ومجدهم.