الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب السادس عشر وهو اخر أبواب الكتاب باب التعادل والترجيح

صفحة 663 - الجزء 2

  تكاد تنحصر، ومثارها غلبة الظن، (فلتراجع) بسائطها أي بسائط الكتب (وفيما ذكر منها) أي المرجحات (إرشاد إلى ما لم يذكر) فإن الاطلاع على بسائط المرجحات يسهل الاطلاع على ترجيح ما يجب ترجيحه عند تركيبها، إذ يعلم من هذه الترجيحات أن ما فيه جهتان من الترجيح، فإنه مرجح على ما فيه جهة واحدة، وما فيه جهات على ما فيه جهتان، إلى غير ذلك من التفاصيل، فلنطو ذكر القال والقيل، ولنقتصر عن التطويل (والله أعلم).

  وختم المصنف كتابه بهذا تنبيهاً منه على الانتهاء، وسؤالاً منه في الضمن لزيادة العلم علمنا الله مالم نعلم، وفهمنا ما لم نفهم، وهدانا إلى سواء الطريق، وأذاقنا حلاوة التحقيق، إنه ولي التسديد والتوفيق.

  وبتمام هذا تم الكتاب، فالحمد لله ملهم الصواب، على ما يسر لنا من حلّ مشكلات هذا الكتاب، متجنبين غايتي اختصار يخل وتطويل يمل، مع ما يستدعيه هذا المتن المحكم، والكتاب الذي له من نفسه على سائر الكتاب معلم أيَّ معلم، ولا يعرف ذلك إلا من كثر تصفحه للكتب، وأحاط بمعانيها، وكنه مبانيها، وعرف أن لا كل سوداء تمرة ولا حمراء جمرة، ولم أل جهداً في سلوك الاختصار، وتجنب طريق الإكثار، عرفاناً مني بقصر همم أهل هذا الزمان عن تعاطي التطويل، وطلباً لإرشاد الطالبين في أسرع وقتٍ إن شاء الله تعالى إلى سواء السبيل، مع المحافظة على سليس القياد من العبارات، والتحرز عن إدخال المبتذل بين أبكار الخطاب، هذا مع أن زيع النظر وطغيان القلم موضوعان، والخطأ والنسيان عن هذه الأمَّة مرفوعان؛ إذ لا أستنكر إن بذلت الجهد فيه أن يطلع بعض الآحاد فضلاً عن الأفراد على ما أخفي عنا، وأن يفوز من الإفادة بغير ما فزنا، والله يوفق الناظرين للإطلاع على مالم نطلع عليه من وجه أحسن، وقول أصح، وطريق أسد، ومحمل أولى، وتقرير أقوى.

  وأنا طالب للأخوان إصلاح ما يعثرون عليه من الخلل والفساد، متجنبين طريق العناد، والله ولي السداد والرشاد، فإليه المبدأ وإليه المعاد.

  هذا ونحن نعود في الختم إلى ما بدأنا به في المفتتح فنقول:

  الحمد لله الذي لم يُفتتح بأفضل من حمده خطاب، ولم يختم بأحسن من ذكره كتاب، حمداً تطير إليه النفوس العلوية، وتطرب إليه العقول القدسيَّة.