فصل [شرح الحروف الكبير]
  على هذا، ويجب دخول ما بعد العاطفة في حكم ما قبلها، وأما الجارة فالأكثرون على تجويز كون ما بعدها متصلاً بأجزاء ما قبلها، نحو: نمت البارحة حتى الصباح، وصمت رمضان حتى الفطر، كما يكون جزءاً منه نحو: أكلت السمكة حتى رأسها، والسيرافي يوجب أن يكون ما بعدها جزءاً مما قبلها، وهو محجوج بـ {حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ٥}.
  وأما دخول المجرور بها في حكم ما قبله: ففيه أحوال:
  جزم جار الله بالدخول مطلقاً، سواء كان جزءاً مما قبله أو ملاقي آخر جزء منه حملاً على العاطفة.
  وجوز ابن مالك الدخول وعدمه مطلقاً.
  وفصل عبد القاهر وغيره فقالوا: الجزء داخل في حكم الكل، والملاقي غير داخل.
  قال نجم الدين: واعلم أنه لا يلزم أن يكون ما بعد حتى - جارة كانت أو عاطفة - آخر أجزاء ما قبلها جنساً، ولا آخرها دخولاً في العمل، بل قد يكون كذلك وقد لا يكون، لكنه يجب في العاطفة أن يكون آخر أجزائه، إذا رتبت الأجزاء الأقوى ثم الأقوى، فإذا ابتدأت بقصدك من الجانب الأضعف مصعداً كان آخر الأجزاء أقواها، نحو: مات الناس حتى محمد ÷، بالعطف، وليس هو # آخرهم جنساً ولا دخولاً في الموت، بل قوة.
  وإذا ابتدأت بعنايتك من الجانب الأقوى منحدراً كان آخر الأجزاء أضعفها، نجو: قدم الحاج حتى المشاة، عطف، ويجوز أن يكونوا قادمين قبل الركاب أو معهم.
  وأما الجارة: فيجوز أن يكون ما بعدها كذلك وأن لا يكون، بل يقصد مجرد آخر الأجزاء جنساً، ولا يقصد كونه أقواها أو أضعفها، ولهذا جاء بعدها ما هو ملاق.
  والتزم صاحب المغني التحقير والتعظيم فيما بعد حتى الجارة أيضاً، وليس بمشهور.
  وكان الجارة محمولة على إلى في جواز عدم كون ما بعدها جزءاً، خلافاً للسيرافي، وفي جواز عدم دخوله في حكم ما قبلها، وفاقاً للمالكي، وفي جواز قصد كونه آخر الأجزاء جنساً لا قوة ولا ضعفاً، خلافاً لصاحب المغني، إلا أنك إذا لم تقصد كونه آخرها ضعفاً أو قوة وجب في حتى كونه آخرها جنساً، فلا يجوز: أكلت السمكة حتى نصفها أو ثلثها، ولا يجب ذلك في إلى بل يجوز إلى نصفها أو إلى ثلثها.