فصل [شرح الحروف الكبير]
  والمعنى أنها لا تحل له أصلاً، لأن بها وصفين لو انفرد كل منهما حرمت له، أخوتها من النسب وأخوتها من الرضاع، ولو حذفت اللام من لما لكان أنسب، لتوافق الإستعمال الكثير مع الإختصار.
  وقد تجردت لو فيما ذكر من الأمثلة عن الزمان على خلاف الأصل فيها، أما أمثلة بقية أقسام هذا القسم فنحو: لو أهنت زيداً لأثنى عليك، أي فيثني مع عدم الإهانة من باب الأولى.
  لو ترك العبد سؤال ربه لأعطاه، أي فيعطيه مع السؤال من باب الأولى.
  {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ٢٧}[لقمان: ٢٧] أي فما تنفد مع انتفاء ما ذكر من باب الأولى.
  هذا وغير خاف عليك أن قوله {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ٢٢}[الأنبياء: ٢٢] لم تسق لبيان انتفاء الآلهة لانتفاء الفساد كما أشار إليه المصنف، وإنما الغرض منه التصديق بانتفاء تعدد الآلهة، لا بيان سبب انتفاء الفساد، فلو في الآية دلالة على ما جنح إليه أرباب المعقول من لو وأن ونحوها للتلازم دالة على لزوم الجزاء للشرط من غير قصد إلى القطع، من غير قصد إلى القطع بانتفائهما، فهي عندهم للدلالة على أن العلم بانتفاء الثاني علة للعلم بانتفاء الأول ضرورة، انتفاء الملزوم بانتفاء اللازم، من غير التفات إلى أن علة انتفاء الجزاء في الخارج ما هي، لكن الإستعمال على قاعدة اللغويين أكثر.
  (وهي) أي لو (للمضي) نحو: لو جاء زيد أكرمته، وبهذا الوجه وكونها للإمتناع فارقت إن، فإنَّ إنْ لعقد السببية والمسبب في المستقبل، ولهذا قالوا: الشرط بإن سابق على الشرط بلو، وذلك لأن الزمن المستقبل سابق على الزمن الماضي، عكس ما يتوهم المبتدؤن، ألا ترى أنك تقول: إن جئتني أكرمتك، فإذا انقضى الغد ولم تجيء قلت: لو جئتني أمس أكرمتك، وبغلبتها على الماضي لم تجزم، ولو أريد بها معنى إن الشرطية.
  (وقد تستعمل للمستقبل) نحو: إكرم زيداً ولو أساء، ونحو ما روي عنه ÷ «اطلبوا العلم ولو بالصين»، و «إني أباهي بكم الأمم ولو بالسقط»، وقوله:
  ولو تلتقي أصداؤنا بعد موتنا ... ومن دون رمسينا من الأرض سبسب
  لظل صدى صوتي ولو كنت رمة ... لصوت صدى ليلى يهش ويطرب
  وغير ذلك.