فصل [شرح الحروف الكبير]
  والحق أنه إن أريد بجواز اجتماعهما أن اللام تسمى لام العهد ولام الإستغراق في لفظ واحد، فالصحيح ما ذكره الشريف، لأن القصد في لام العهد إلى الأفراد، وفي لام الإستغراق إلى الجنس، ولا شك في تباين القصدين.
  وإن أريد بجواز اجتماعهما أنه يجوز أن يكون المعهود جميع الأفراد وتكون الإشارة باللام إلى نفسها ليكون الحكم حينئذ على جميع الأفراد فالحق ما قاله السعد.
  وتلك الحصة (نحو: ما فعل الرجل، لمعهود بينك وبين مخاطبك) تقول عهدت فلاناً إذا أدركته ولقيته (فهو) يسمى (تعريف العهد الخارجي، ونحوه) في إفادة هذا المعنى (علم الشخص) والإطلاق على الحصة المعينة يكون لتقدم ذكره، مع كون المتقدم ذكره مراداً به الأفراد إما صريحاً أو كناية، والمراد بها قسماً من أقسام الكناية المصطلحة، وهي الكناية المطلوب بها غير صفة ولا نسبة، وهو أن يتعين في صفة من الصفات اختصاص بموصوف معين، فتذكر تلك الصفة ليتوصل بها إلى الموصوف نحو: {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى}[آل عمران: ٣٦]، أي ليس الذكر الذي طلبت امرأة عمران كالأنثى التي وهبت لها، فالأنثى إشارة إلى ما سبق ذكره صريحاً في قوله {رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى} والذكر إشارة إلى ما سبق ذكره في قوله {رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا} فإن التحرير من الصفات المخصوصة بالذكر، وهو أن تعتق الولد لخدمة بيت المقدس، فلما كان مختصاً بهم علم أن مطلوبها كان هو الذكر، وليس بمذكور صريحاً بل ذكر ملزومه وهو التحرير.
  وقد يستغنى عن تقدم ذكره بأن يكون معلوماً بعلم جديد غير سبق العلم بالوضع، وإلا كان اللام المشار بها إلى الحقيقة من هذا القبيل نحو: خرج الأمير، إذا لم يكن في البلد إلا أمير واحد، وكقولك لمن دخل البيت: أغلق الباب.
  وقد يكون لام العهد للإشارة إلى الحاضر كما في وصف المنادى واسم الإشارة نحو: يا أيها الرجل، وهذا الرجل.
  (وإن أطلق) المعرف بها (على حصة) أي من الحقيقة أي على واحد من الأفراد وتلك الحصة (غير معينة نحو: أدخل السوق، حيث لا عهد) في الخارج، وأما في الذهن فيلزم أن يكون مفهومه معلوماً للمتكلم والمخاطب، متميزاً عن غيره متقرراً في ذهنهما، وإلا لم يصح الخطاب بالدخول فيه، (فهو) المسمى بـ (ـتعريف العهد الذهني) لوجوده في الذهن، (ونحوه) في هذا الإطلاق (النكرة: كسوق)،