الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

[حكم البسملة والمعوذتين]

صفحة 296 - الجزء 1

  احتج القائلون بأنها آية من الفاتحة دون غيرها: بكثرة الأحاديث في ذلك كما سبق عن علي وابن عباس وأبي هريرة، وأيضاً فالإجماع منعقد أنها سبع، وفي المستدرك وكتاب ابن حنبل والسنن أنه لم بعد عليهم آية من طريق أم سلمة، ولا يكون كذلك إلا إذا كانت البسملة آية.

  قلنا: ذلك مسلم ولا ينافي كونها آية فيها كونها آية في غيرها.

  احتج القائلون بأنها آية فيها بعض آية في غيرها: بأنه ثبت بالدليل القاطع كونها قرءاناً، وثبت بالدليل أنها آية في الفاتحة كما قدمنا، وروي عن أبي هريرة أن سورة الملك ثلاثين آية مرفوعاً، وفي سورة الكوثر أنها ثلاث آيات، وهذا العدد حاصل بدون التسمية، فوجب القطع بأنها قرآن، وعدم القطع بأنها آية جمعاً بين الأدلة، ومثل ذلك وارد في القرآن، ألا ترى أن {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ٢} آية تامة، ثُمَّ صار مجموع قوله {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ١٠}⁣[يونس: ١٠]، آية واحدة، فكذا هنا.

  وقد اعترض قولهم: بأنه خلاف الظاهر؛ لاستقلالها وعدم توقفها على ما بعدها كما في الفاتحة، فأي فرق.

  احتج القائلون بأنها منزلة للفصل: بما أخرجه الحاكم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، قال: (كان المسلمون لا يعلمون انقضاء السورة حتَّى نزل ، فإذا نزلت علموا أن السورة قد انقضت آنفاً. على شرط الشيخين، وأخرج البيهقي في السنن نحوه.

  قلنا: لفظ النزول يشعرنا بها أنه في كل سورة، مع ما يلزمهم في قولهم من التغرير، ولا يجوز ارتكابه لمجرد الفصل، وأيضاً فلو كانت لمجردة لكتبت بين براءة والأنفال.

  فإن قلت: أليس لفظها ومعناها متحد لم يختلف بحال، فلم لا يحكم بأنها آية؟.

  قلت: هي مثلها في قوله تعالى {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ١٣}⁣[الرحمن: ١٣]، فإذا ثبت أن تلك آيات فكذا هذه، وأنت خبير بأن المصنف ممن يقول بتواتر القراءات السبع، وقد علمت باختلاف القراء السبعة فيما ذكره في الآية الكريمة فحينئذ يلزم تدافع القواطع وهذه معضلة⁣(⁣١).


(١) وقد يقال لا تدافع في ذلك فإن غاية ما يلزم أنه تواتر عن رسول الله ÷ إثباتها، وتواتر حذفها، وذلك يدل على أنه قد وقع منه هذا وهذا، وبقي الكلام في الذي استقر عليه الأمر منه ÷ حتى يكون المعمول عليه، فنحن نقول إنه استقر الأمر على إثباتها. والله أعلم، تمت من هامش النسخة (أ).