[حكم البسملة والمعوذتين]
  (وتواترت) التسمية (بعض آية في) سورة (النمل إجماعاً) في قوله تعالى {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ٣٠}[النمل: ٣٠]، ولا ينبغي أن يخالف في ذلك إلاَّ من يخالف القرآن.
  (ومنه) أي من القرآن (المعوِّذَتان) بكسر الواو المشدودة، ومن ثَمَّ كتبتا في المصاحف مع المحافظة على تجريدها مما ليس بقرآنٍ، وأورد - على ما سيجيء إنشاء الله تعالى من أن منكر المتواتر كافر - أنه روي عن مسعود إنكارهما، فإن كان النقل المتواتر حاصلاً في زمن التابعين ومن بعدهم فهو قرآن وإنكاره يوجب الكفر، وإن كان غير متواتر في زمنهم لزم أن لا يكون القرآن متواتراً في الأصل.
  (و) أجاب المؤلف بأنَّ (خلاف ابن مسعود) إنما هو (في إثباتهما في المصحف لا في كونها قرآناً) فلم يخالف في ذلك؛ لأن السنَّة كانت عنده أن لا يكتب في المصحف إلاَّ ما أمر النبي صلى الله بإثباته ولم يجده أمر بكتب ذلك.
  (وخلافاً لأبي) بن كعب (في الفاتحة كذلك) أي مثل خلاف ابن مسعود في أنه محمول على إنكار كتابتها لا كونها قرآناً، وقد روى مثل هذا عن ابن مسعود أبو عبيد بسند صحيح.
  وقد قال ابن قتيبة: وأمَّا إسقاطه الفاتحة من مصحفه فليس لظنه أنها ليست من القرآن، معاذ الله، ولكنه ذهب إلى أن القرآن إنما كتب وجمع بين اللوحين مخافة الشك والنسيان والزيادة والنقصان، ورأى أن ذلك مأمون في سور الحمد لقصرها، ووجوب تعلمها على كل أحد، لتحتم قراءتها في اليوم والليلة خمس مرات.
  وجواب المصنف هذا هو جوابُ القاضي أبي بكر الباقلاني.
  وأمَّا النووي فقال في شرح المهذب: إنما نقل عن ابن مسعود من إنكار المعوذتين والفاتحة باطل ليس بصحيح.
  وقال ابن حزم: هذا كذب على ابن مسعود موضوع، وإنما صح عنه قراءة عاصم عن زرعة عنه، وفيها المعوذتان الفاتحة.
  ولكن قال ابن حجر في شرح البخاري: قد صح عن ابن مسعود إنكار ذلك.
  فأخرج أحمد وابن حبان عنه أنه لا يكتب المعوذتين في مصحفين.