الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في كون ألفاظ العموم ظاهرة فيه]

صفحة 446 - الجزء 1

  وتحقيق ذلك: أن الجمع لتضعيف المفرد، والمفرد خصوصاً مثل المال والعلم والماء قد يراد به المفرد فيكون معنى الجمع المعرف باللام أو الإضافة جميع الأفراد، وقد يراد به الجنس فيكون معناه جميع الأنواع كالأموال والعلوم، والتعويل على القرآئن، وقد دل العرف وانعقد الإجماع في أن المراد في مثل {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ} الأنواع لا الأفراد.

فصل: [في كون ألفاظ العموم ظاهرة فيه]

  (وألفاظ العموم ظاهرة فيه) لا نصاً، لاحتمال مدلولها الشمول وعدمه، وكثرت الخصوصيات، وللخلاف في كل فرد مما سيملى عليك، وعدم الدليل القاطع على أن ذلك للعموم، كذا وجه من قال بذلك قولهم.

  إذا عرفت ذلك فألفاظه حينئذ تدل على الاستغراق حقيقة، (عند أئمتنا والجمهور) من العلماء، وهي (مجاز في الخصوص).

  وقال (بعض المرجئة: بل عكسه) - أي مجازاً في العموم ظاهر في الخصوص -.

  (وبعضهم) أي بعض المرجئة قال: هي (مشتركة بينهما في اللفظ) أي بين العموم والخصوص.

  (وقيل: لم توضع) ألفاظهما أي للعموم والخصوص، فالألفاظ لا تفيد أيهما، (وإنما يستفادان بالقرينة).

  (وقيل): هي (للعموم في الأمر والنهي، لا في الأخبار فالوقف).

  (وقيل) هي للعموم (إلا في آيات الوعيد) فالوقف.

  (وقيل): رواه العضد عن الباقلاني (بالوقف) والوقف (إمَّا على معنى ما ندري) في الأخبار الأمر والنهي أ (وضع العموم لها أم لا، وإمَّا على معنى نعلم أنه وُضع) لها (ولا ندري أحقيقة) مفرداً ومشتركاً، (أم مجازاً) قيل: وظاهر هذا الكلام فاسد؛ لأنه إذا علم أنه وضع للعموم لفظ كيف يتصور التردد في أنه حقيقة أو مجاز.

  لنا: أن السيد إذا قال لعبده: لا تضرب أحداً ولا تشتم أحداً، فُهِِمَ منه العموم، حتَّى لو ضرب أو شتم واحداً عد مخالفاً، وكذا في الخبر مثل: ما ضربه أحد، حتَّى لو ضربه أحد كان الكلام كاذباً، والتبادر دليل الحقيقة، فالنكرة في النفي للعموم حقيقة، فالعموم صيغة هو ظاهر فيها.

  ولنا: أيضاً أنا نقطع بأن العلماء لا يزالون يستدلون بمثل {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا}⁣[المائدة: ٣٨]، {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا}⁣[النور: ٢]، {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ}⁣[النساء: ١١]، وذلك يقتضي إثبات صيغه للعموم.