فصل: [في الإستثناء المتصل]
فصل: [في الإستثناء المتصل]
  (وشروط) الاستثناء (المتصل ثلاثة):
  الأوَّل: (اتصاله بالمستثنى منه لفظاً) وذلك بأن لا يتخلل بينهما شيء، (أو حكماً) وذلك (بتخلل وقت يسير) بحيث لا يضر ذلك (كتنَفُّس) أي استرجاع النَّفَس من المستثني بين نطقه بالعام المستثنى منه، ونطقه بالمستثنى، (أو بلع ريق) من الفم، (أو) حصول (عطاس) بعد النطق بالمستثنى منه وإن كثر، (أو بُدُور قيء) أي حصوله على أي وجهٍ لا يمكن دفعه.
  وقال (أبو مضر وأبو جعفر: أو تذكر ما يستثني) من العام بعد أن قد عزم في أول النطق على أنه يستثنى شيئاً من العام الذي تكلم به، ثُمَّ لما تكلم بذلك العام سكت وقتاً يسيراً يتذكر ما الذي يستثنيه منه.
  قالوا: فما هذا حاله فلا يضر.
  وقال (الإمام) يحيى: (أو) وصل بين المستثنى والمستثنى منه (طولُ كلام) متصل بعضه ببعض كما إذا ذكر بعد المستثنى منه صفات كثيرة للمستثنى منه نحو: جاءني القوم الكرام الطيال حسنوا الوجه ذووا المال أهل الشجاعة والسخاء والمروة إلا زيداً، وقد ذكر ما يدل على هذا أبو الحسين وصاحب العقد.
  (وجوز ابن عباس تراخيه أبداً، و) روي (عنه) جواز تراخيه (شهراً، و) روي (عنه وهو أحد قولي الناصر) جواز تراخيه (سنة).
  (و) روي عن سعيد (بن جبير) مثل قول ابن عباس في صحة التراخي ومدته عنده (أربعة أشهر) والذي ذكره غير المؤلف أن مدة التراخي عنده أيضاً كما ذكر ابن عباس.
  (و) روي عن (مجاهد) أنه يجوز تراخيه (إلى سنتين، و) روي عن (الحسن وعطاء) أنه يجوز انفصاله (في المجلس)، وذكر بعضهم أن المروي عن عطاء أنه يصح انفصال الاستثناء مقدار ما تحلب ناقة غزيرة.
  (و) روي (عن بعضهم: بالنية) لما يستثنى عند النطق بذلك، فيكفي الاتصال بالنية وإن لم يتلفظ به كالتخصيص بعد الاستثناء، وحمل بعضهم مذهب ابن عباس على هذا.
  (وقيل: يجوز) تراخيه (في القرآن خاصة) دون غيره، قال الجويني: وإنما حملهم على ذلك خيال يتخيلوه من كلام المتكلمين الصايرين إلى أن الكلام الأزلي واحد، وإنما الترتيب في جهات الوصول إلى المخاطبين فلو تأخر الاستثناء هناك من السماع والفهم دون الكلام، وهذا غلط لأن الكلام ليس في الكلام الأزلي، بل في العبارات التي تبلغنا وهي في حكم كلام العرب، ولا يوجد فيه تأخير الاستثناء.