الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الثامن من أبواب الكتاب: باب الظاهر والمأول

صفحة 588 - الجزء 1

  كما نصوا في قوله تعالى {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}⁣[المائدة: ٦٤]، أي من القريب، وقد ثبت أنها استدلالية، ثُمَّ أنا نمنع على رأي السكاكي وغيره ممن منع المجاز في الإسناد فهو عنده من باب الاستعارة بالكناية مثل: نطقت الحال، وأنشبت المنية أظفارها، وأمَّا على رأي غيره فهو من المجاز المرسل مجاز الحذف.

  وأما الاحتجاج بقوله: سل الربع أنَّا يممت أم مالك؛ إذ ليس المراد أهل الربع، بدليل: وهل عادة للربع أن يتكلما، فلو كان المراد ما يوهمه لم يصح، ومثله ألم تسئل الربع ... البيت، وإنما هذا من باب الاستعارة بالكناية ونظيره قول الحلي:

  وسل حنيناً وسل بدراً وسل أحداً

  انتهى.

  (و) من القريب (تأويل قوله ÷) الراوي له أسامة بن زيد المخرج له الشيخان «إنما الربا في النسيئة» بمختلفي الجنس) والتقدير، بناء على أنه ينتهي عن السؤال، أو لم يسمعه وسمع الجواب، وإنما كان قريباً لما ظهر من أن الصحابة كانوا لا يجوزون الفضل في الأشياء المتجانسة يداً بيد، وأيضاً فقوله ÷ «لا تبيعوا البر بالبر إلا سواء سواء» يقضي عدم الفضل، فيجب الجمع بينهما.

  (وتأويل آية الجلد) قوله تعالى {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}⁣[النور: ٢]، (على التنصيف في) حد (العبد)، وإنما تأوَّلت (بالقياس على الأمة) بجامع الملك؛ إذ هو العلة في تنصيف حد الأمَة، وإنما كان هذا قريباً لتجلي هذا النوع من القياس.

  (وتأويل قوله تعالى {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ}) وتمام (الآية) {لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ٦٠}⁣[التوبة: ٦٠]، (ببيان أن كل صنفٍ) من الأصناف المذكورة (مصرف على انفراده فيجوز صرفها) جميعاً (فيه ولا يجب في كل الأصناف إذ) سياق الآية قبلها وهو الرد على المنافقين وطعنهم في المعطين ورضاهم عنهم إذا أعطوهم وسخطهم عنهم إذا منعوهم، اقتضى بيان المصرف لئلا يتوهم في المعطين أنهم مختارون في الإعطاء والمنع، فيندفع اللمز، فدل على أن ذلك هو المراد، وأنه (لم يقصد وجوب التشريك) كما زعم الجويني وإن كان هو الظاهر لأجل إضافة الصدقات إليهم بلام الملك وعطف البعض على البعض بحرف التشريك لما ذكرناه.