فصل: [في أحكام الألفاظ]
فصل: [في أحكام الألفاظ]
  لما كان علم أصول الفقه يُستمدُّ من العربية ذكر السيد | أحكاماً مِن علم اللفظ، لأجل إدراك الانتفاع قبل الشروع في المقاصد؛ لأن استمدادها منه كما عرفت فقال:
  (وما تصح المواضعة عليه) يعني من الأصوات، يعني ما يصح التواطؤ على وضعه بين قومٍ كالعرب وغيرهم، فخرج ما لا تصح المواضعة عليه، كالأصوات المجردة عن الحروف كطنين الذباب ونحو ذلك، والإشارات والكنايات والعقود والنصب مما يصح المواضعة عليه، لكن ليست من الأصوات، وما ذكرناه هو معلومٌ من قصد المصنف وإن لم يصرح به، أو لأنه اتكل على ذكر السمع في قوله: الأدلَّة السمعيَّة، وما كان كذلك (إن لم تقع) المواضعة عليه (فهو المهمل) وهو منقسم في نفسه: إلى ما يكون مهملاً على الإطلاق، وإلى ما يكون مهملاً بالإضافة.
  فالذي يكون مهملاً على الإطلاق: هو الذي لم يوضع لمعنى، ولا فائدة تحته بحال.
  والذي يكون مهملاً بالإضافة: فهو الذي لم يوضع لمعنى ولا فائدة فيه بالإضافة إلى تلك اللغة التي هو مهملٌ فيها.
  ثُمَّ الإهمال يتطرق إلى الكلام على أوجه ثلاثة:
  أوَّلها: أن يكون من جهة آحاد الحروف، وذلك نحو الطاء فإنها مستعملة في جميع اللغات ما عدا الروميَّة واليونانيَّة، والضاد فإنها مُهملة في جميع اللغات ما خلا العربية، ولهذا قال ÷ الكرام: «أنا أفصح من نطق بالضاد» يريد العرب، وقد يكون مهملاً على الإطلاق، وهذا نحو الجيم التي كالكاف فإنه لا يقال في خرج خرك في لغةٍ من اللغات.
  وثانيها: أن يكون من حيث الانتظام في الأحرف المفردة، وهو نحو قولنا: كادث ومادث، فإهمال هذين من جهة تأليفهما على هذه الكيفية، وهي غير مفيدة لمعنى، بالإضافة إلى جميع اللغات.
  ثالثها: من جهة انتظام الكلم المفردة، وهذا كنحو إضافة الفعل إلى الفعل، والفعل مع الحرف، والحرف مع الاسم، فإنهما غير مفيدين، ونحو انتظام الحرف مع الحرف أيضاً لما سيأتي إنشاء الله تعالى.
  (وإن وقعت) المواضعة عليه (فهو المستعمل)، وكما كان الإهمال من تلك الأوجه الثلاثة فالإستعمال يكون من جهتها بلا مزية: