الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [تفصيل أقسام المفهوم]

صفحة 616 - الجزء 1

  وأجيب: بأن المراد بالمؤمنين الكاملون في الإيمان جمعاً بين الأدلة.

  ولنا: النقل عن أئمة النحو والتفسير، قال التفتازاني: وأما أن ذلك مفهوم لا منطوق فتدل عليه أمارات مثل: جواز: إنما زيد قائم لا قاعد، بخلاف ما زيد إلا قائم لا قاعد، ومثل أن صريح النفي والاستثناء يستعمل عند إصرار المخاطب على الإنكار بخلاف القائل بأنه منطوق، وقال: لا فرق بين إنما إلهكم الله وبين لا إله لكم إلا الله وهو منطوق.

  قلنا: لا نسلم أن الاستثناء منطوق حتَّى يصح القياس، سلمنا فلا نسلم عدم الفرق بين إنما إلهكم الله، ولا إله إلا الله، بل نفي الغير في الأول مفهوم وفي الثانية منطوق، وحاصله أن قولنا: إنما قائم زيد بمعنى زيد القائم لا معنى ما قام إلا زيد.

  القائل بأنه ليس بمنطوق ولا مفهوم قال: لا فرق بين: إن زيداً قائم وما زيد قائم، وما هاهنا زائدة فهي كالعدم.

  قلنا: لا نسلم أن زيداً قائم للإخبار بقيامه على وجه التأكيد، وإنما زيد قائم للإخبار بأنه قائم لا قاعد.

  قالوا: «إنما الأعمال بالنيات» و «إنما الولاء للمعتق».

  قلنا: المراد التأكيد، وكأنه ليس عمل إلا بالنية، وليس الولاء إلا بالعتق كقوله ÷ «لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد».

  (وادعى الزمخشري) رحمه تعالى في تفسير {قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} (في أنما المفتوحة إفادة الحصر؛ لأنها فرع المكسورة) وما ثبت للأصل ثبت للفرع حيث لا تعارض، والأصل انتفاؤه، والزمخشري وإن لم يصرح بهذا المأخذ فقوة كلامه تشير إليه، ومعنى الآية على هذا ما قال: أن الوحي إلى رسول الله ÷ أي في أمر الله مقصور على استئثار الله بالوحدانية، أي لا يتجاوزه إلى أن يكون الإله كغيره متعدداً كما عليه المخاطبون، ومثل ذلك قوله في الآية {أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ} أراد أن الدنيا ليست إلا هذه الأمور المحقرات، وأمَّا العبادات والقرب فمن أمور الآخرة لظهور ثمرتها فيها، وإنما ادعى الزمخشري الحصر فيها لأن من قال: سبب إفادة إنما - بالكسر - للحصر تضمنها معنى ما وإلا، قال: فذلك في أنما - بالفتح - لوجود هذا السبب فيها، ومن قال: إن السبب اجتماع حرفي توكيد قال به في أنما أيضاً، وقد اجتمعا في الآية، فالأولى لقصر الصفة على الموصوف، والثانية بالعكس.