الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): [في وجوب التأسي بالنبي ÷]

صفحة 145 - الجزء 2

  وفي الاصطلاح: (نقيض الموافقة) فتستعمل في القول والفعل والترك.

  قال أبو الحسين: والمخالفة في القول: هي العدول عما اقتضاه القول من إقدام أو إحجام.

  فأما المخالفة في الفعل فهي العدول عن امتثال مثله إذا وجب امتثال مثله، وإذا لم يجب ذلك لا يقال لمن لم يفعل مثله قد خالفه، ولهذا لم يكن إخلال الحائض بالصلاة مخالفة.

  وأنت خبير: بأن كلامه إنما يستقيم على الاصطلاح الشرعي دون اللغوي؛ لأن المخالفة في اسم الشرع ذم.

  فإن قيل: المخالفة لا تصدق في الأفعال إنما تصلح في الأقوال؛ لأن من ترك ذلك الفعل فقد خالف الدليل الدال على وجوب المشاركة له في الفعل.

  قلنا: الدليل الدال على مشاركة النبي ÷ في الفعل يقتضي أن أي فعل فعله كان دليلاً على وجوب مثله علينا، فصح أن يوصف من لم يفعله بأنه مخالف له.

  (والإئتمام: الإتباع في صورة الفعل ووجهه) وإليه أشار أبو الحسين، فالمراد بقولنا: ائتم فلان بفلان في الصلاة، أنه أوقعها عليه، فصلاة المتنفل خلف المفترض والعكس ليست بائتمام على هذا.

  (أو) الائتمام: الإتباع (في صورته فقط عند قوم) فالمتنفل خلف المفترض والعكس مؤتم.

(فصل): [في وجوب التأسي بالنبي ÷]

  قال (أئمتنا والجمهور) من العلماء: (ويجب التأسي به ÷ في غير ما وضح فيه أمر الجِبِلَّة) البشرية، التي لا يخلو ذو روح عنها، كالقيام والقعود والأكل والشرب، وذلك (من أقواله وأفعاله وتروكه المتعلقة به المعلوم وجهها) الذي وقعت عليه من وجوبٍ أو ندبٍ أو غيرهما، وسيأتي ما يعرف به وجه فعله بمعونة الله تعالى، فأما إذا لم يعلم الوجه الذي وقعت عليه فسيأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى.

  وقوله (مطلقاً): أي في العبادات وغيرها، (إلاَّ ما خصه دليل) دال على عدم التأسي في ذلك، كما يأتي إن شاء الله تعالى.