الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): [في التعارض بين فعله وقوله ÷]

صفحة 156 - الجزء 2

(فصل): [في التعارض بين فعله وقوله ÷]

  (ويقع التعارض بين فعله وقوله، بحيث يمنع كل منهما مقتضى الآخر، فيكون) الفعل أو القول المتعارضان (مخصصاً أو ناسخاً) للآخر.

  (والقسمة العقلية) بين المتعارضين (تقتضي وقوعه) أي التعارض على أحد أربعة أقسام، لأنه إما (بين فعلين، أو) بين (قولين، أو) بين (فعل وقول، أو عكسه) وهو بين قول وفعل.

  (فأما) القسم الأول: وهو (الفعلان، فإن كانا متماثلين: كصلاتين في وقتين، أو مختلفين: كصلاة وصوم، فلا تعارض بينهما اتفاقاً) بين العلماء، إذ يمكن الجمع بينهما، وهو ينافي حقيقة التعارض.

  (واختلف في) الفعلين (المتضادين: كصوم وأكل):

  (فأكثر أئمتنا، والجمهور) من العلماء: (على أنه لا تعارض بينهما) لأنهما إن كانا في محل واحد في وقت واحد استحال تقدير وقوعهما، وإن اختلف المحل والوقت لم يكونا متعارضين (لجواز الأمر بأحدهما في وقت، والإباحة في) وقت (آخر)، إذ الأفعال لا عموم لها، فلا يكون أحد الفعلين رافعاً للآخر، (إلاَّ أن يدل دليل) قولي (على وجوب تكرار) الفعل (الأول عليه) ÷، (أو) يدل دليل على وجوب تكراره (على أمته، أو) تكراره (عليه وعليهم، فالثاني) من الفعلين إما:

  (ناسخ لحكم الدليل الدال على التكرار لا لحكم الفعل) الأول، وأما بالنظر إلى الاستقبال فـ (ـلعدم اقتضائه التكرار) فلا حكم حتى يرفع، وأما بالنظر إلى ما مضى فلأن وقع ما وجد محلاً، فتعين أن يكون نسخاً لحكم الدليل الدال على وجوب التكرار، وإنما لم يقدر كونه مخصصاً، لأن فرض المسألة أن النبي ÷ قد فعل الفعل الأول مثلاً فالثاني ناسخ؛ لأنه بعد الفعل تخصيص لا نسخاً، وقد يطلق على الفعل أنه منسوخ ومخصوص تجوزاً لأن النسخ في الحقيقة لما اقترن به لا له.

  وقال (المنصور) بالله، (وأبو رشيد: بل يتعارضان) فيصح نسخ بعضها ببعض، إذ هو فرع التعارض، (و) هذا الخلاف (هو لفظي) عائد إلى اللفظ والتسمية، (إذ مراد منكري التعارض) بين الفعلين (أنه لا يمكن) التعارض (فيهما بمجردهما) من دون قول بصحتهما، بل لا بد من دليل على بعض الأفعال ووجوبه، ثم يترك من بعد فيكون ذلك نسخاً، (وهو اتفاق) بين أئمتنا والجمهور وأبي رشيد والمنصور، (ومراد مثبتيه أنه يكون) التعارض (فيهما باعتبار ما ينضم إليهما من القرائن اللفظية) الدالة على تكرير الأول منهما؛ لا تعارضهما في ذواتها وصورها، فإنَّه لا