الباب الثالث عشر من أبواب الكتاب: باب القياس
  وقالت (الظاهرية والخوارج) قال الإمام: إلاَّ النجدات منهم فإنهم اعترفوا بمسائل قليلة من القياس (والجاحظ والنظام والإمامية والجعفران) جعفر بن مبشر وجعفر بن حرب، (والإسكافي: يمتنع) التعبد به (سمعاً، ثُمَّ اختلفوا) في وجه الامتناع السمعي:
  (فقيل: لأنه لم يوجد في السمع ما يدل عليه) وإثبات ما لا دليل عليه - لا سيما وذلك في أصول الأحكام الشرعية - باطل.
  وأجيب: بورود ذلك سمعاً وعدم تسليم ما قالوه.
  (وقيل: بل) امتنع (لوروده بإبطاله) فقال {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}[الاسراء: ٣٦]، وقال {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ}[يونس: ٦٦]، وقال تعالى {وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا}[يونس: ٣٦]، وغير ذلك من الآيات التي تدل على تحريم اتباع الظن.
  قالوا: والقياس لا يفيد إلاَّ الظن، فاقتضت الآيات بطلانِه.
  قلنا: لا نسلم أن العمل على القياس عمل على الظن، وإنما هو عمل على أمر مقطوع به.
  وبيانه: أن الأدلة لما دلت على وجوب العمل بالقياس المرشد إلى الظن صار الحال فيه كأن الله تعالى قال: مهما ظننتم أن هذه الصورة تشبه هذه الصورة في هذا الجامع المخصوص فاعلموا علماً قاطعاً أني قد كلفتكم ذلك الحكم.
  وأيضاً: فالمراد بهذه الآية اتباعه، وتركه المدارك التثبتية والمسالك القطعية مع إمكانها ونحن لا ننكر، وإنما نمنع من التمسك بالقياس مع إمكان أمرٍ قاطعٍ يمكن التمسك به في المسائل القياسية.
  وأيضاً: فذلك مع بطلانه إنما يدل على تحريم اتباع الظني لا القطعي، وفيه تخصيص المُدَّعَى.
  قالوا: قال ÷ «تعمل هذه الأمة برهة بالكتاب وبرهة بالقياس، فإذا فعلوا ذلك فقد ضلوا»، وقال ÷ «ستفترق أمتي بضع وتسعين فرقة أعظمهم فتنة الذين يقيسون الأمور برأيهم، فيحرمون الحلال ويحلون الحرام»، وغير ذلك من الأخبار التي توهم بظاهرها رد الأقيسة المطلوبة.
  قلنا: هذه أخبار ضعيفة يتطرق إلى متنها تأويل وإلى سندها طعن، ولا تكون مقبولة، ولو سلم بسلامتها عما ذكرناه فهي أخبار آحاد، والعمل على القياس مقطوع به.