الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الثالث عشر من أبواب الكتاب: باب القياس

صفحة 324 - الجزء 2

  (واختلفوا) أي المانعون له سمعاً (فيه عقلاً، فقيل) القياس من جهة العقل (جائز) لما ذكره الأولون، وإنما منع منه السمع، (وهو رأي الظاهرية والخوارج، وقيل) بل القياس (ممتنع) عقلاً (وهو رأي الباقين) من المتقدمين المانعين.

  (ثُمَّ اختلفوا) أي المانعون له عقلاً هل هو ممتنع في جميع الشرائع أو في شرعنا؟:

  (فقيل) هو ممتنع (في شرعنا) فقط دون سائر الشرائع، (وهو رأي النظام) قال: (لأن مبنى القياس على الجمع بين المتماثلات) في الأحكام (والفرق بين المختلفات) فيها (وشرعنا وارد بخلافه) أي بالفرق بين المتماثلات، والجمع بين المختلفات، فيستحيل التعبد فيه بالقياس:

  أمَّا الفرق بين المتماثلات: فلأن الغسل من إنزال المني، والغائط والبول أقبح منه وأكثر، وفرض الصلاة في أوقات مخصوصة وأعداد معلومة من غير زيادة عليها ولا نقصان منها، وسائر الأوقات والمقادير تساويها في ذلك، وأوجب قطع يد السارق في عشرة دراهم من حرز، ولم يوجب على من غصب ألف دينارً قطعاً أصلاً مع أنَّه أضر منه وأكثر، وأوجب الحد على من رمى غيره بالزنا ولم يوجب الحد على من رمى غيره بالكفر والنفاق، مع أن الكفر أعظم حالاً من الزنا، وقبل في الكفر والقتل شاهدين، وقبل شهادتهما ولم يقبل في الزنا إلا أربعة، مع أن الكفر أعظم حالاً، وفرق بين العدة من الموت وبين العدة من الطلاق، مع أنَّ القصد إنما هو براءة الرحم، وهما مستويان في ذلك، وجعل على الأمة الموطوءة الاستبراء بحيضة واحدة وعلى الحرة المطلقة الموطوءة بثلاث حيض، والغرض هو براءة الرحم وهما مستويان في ذلك، وجعل الحرة الشوهاء تحصن والمائة من الجواري الحسان المملوكات لا يحصن.

  وأمَّا الجمع بين المختلفات: فسوَّى بين قتل الصيد عمداً وخطأ في الفداء في الإحرام، وبين الزنا والردة في القتل، وبين القاتل خطأ والوطء في الصوم عند بعضهم، والمظاهر من امرأته في إيجاب الكفارة عليهم.

  قلنا: لا نسلم أن ذلك يمنع جواز التعبد بالقياس:

  أمَّا الفرق بين المتماثلات: فلأن المتماثلات إنما يجب اشتراكها في الحكم إذا كان ما به الاشتراك يصلح علة الحكم ليصلح جامعاً، ولا يكون له معارض في الأصل، هو المقتضى