فصل: [في المشترك]
  (لا) أن الاشتراك يكون (بين مجازين) لما عرفت من أن الاشتراك لا يكون إلا بين المعاني الحقيقة، وقوله: (في الأصح) إشارة إلى قول بعضهم من أن ذلك يجوز كالبحر فإنه يجوز في العالم والكرم وشديد الجري، وكذلك السكون يستعمل مرة في سكون النفس من الغضب والجوع، وفي طمأنينة القلب باليقين.
  قال ابن أبي الخير: وقد أشار أبو الحسين إلى أن الاشتراك ثابت في المجاز كما في الحقيقية، لكن أجرى لفظ الاشتراك في الحقيقية حقيقةً وفي المجاز مجاز.
  قلنا: البحر إذا استعمل في هذه الأشياء فهو مستعمل في معنى واحد وهو الاتساع، وكذلك السكون هو مستعمل في عدم الاضطراب.
  [والتخليص أنه فرع القول بعموم المجاز وعدمه كما مضى.
  وقال السعد في التلويح في بحث «إنما الأعمال بالنيات»: لما ذكر أن ليس المراد نفي الحقيقة فلم يبق إلا أن يكون النفي موجهاً إلى الحكم الأخروي من الثواب في الفعل، والعقاب في الترك، أو الدنيوي من الجواز والفساد والكراهة، وقال: والنوعان مختلفان، قال: وإذا صار اللفظ مجازاً عن النوعين المختلفين كان مشتركاً بينهما بحسب الوضع النوعي، ولا يجوز إرادتهما: أما عندنا فلأن المشترك لا عموم له، وأما عند الشافعي فلأن المجاز لا عموم له، فدل على أنه يقع الإشتراك بين المجازين، لكن لا يستعمل فيهما](١).
  واعلم: أن اللفظ إذا كان مشتركاً بين معانٍ فلا بد له من علامَة ترشد إليه، ثُمَّ يكون ذلك على ضربين: صريح ودلالة.
  فأمَّا الصريح: فهو (يعرف) كونه مشتركاً (بالنص عليه) من أئمة اللغة:
  [١] إمَّا بأن يصرح باسمه كأن يقال: هذا مشترك بين معنيين أو معاني.
  قال الإمام: ومتَى كان على هذا الوجه كان في المرتبة العليا في الظهور، ويؤيد ما ذكرناه هو أن البحث في حقائق الاشتراك أمر لغوي، مستندة على الأدب وما قاله أهل اللسان، فإذا نصوا على شيء من أحواله فلا مرية في صحته وثبوته.
(١) ما بين القوسين زيادة من هامش النسخة (أ)، ولم يظهر لي هل هو من الحاشية أو من الأصل.