حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

مسألة - قولنا إن الجملة المفسرة لا محل لها خالف فيه الشلوبين

صفحة 442 - الجزء 2

  فظهر الجزم، وكأن الجملة المفسّرة عنده عطف بيان أو بدل، ولم يُثبت الجمهورُ وقوع البيان والبدل جملة، وقد بينت أن جملة الاشتغال ليست من الجمل التي تُسمى في الاصطلاح جملة مفسرة وإن حصل فيها تفسير، ولم يثبت جواز حذفِ المعطوف عليه عطف البيان، واختلف في المبدل منه. وفي البغداديات لأبي علي الجزم في ذلك بأداة شرط مقدرة، فإنه قال ما ملخصه: إن الفعل المحذوف والفعل المذكور في نحو قوله [من الكامل]:


  ومن لانجره يمس منا مفزعا

  قوله: (فظهر) أي: في الجملة المفسرة أعني نؤمنه لكون الجملة المفسرة مجزومة إذ الأصل فمن تؤمنه نحن نؤمنه فحذف الفعل الأول فانفصل الضمير وجزم المفسر لأنه تابع للمفسر. قوله: (عطف بيان أو بدل) أي: والبدل وعطف البيان تابعان للمبدل منه والمبين فإن كان له محل فيكون له محل وإلا فلا. قوله: (ولم يثبت الخ) حاصله اعتراض آخر وهو أنه يلزم على كلام الشلوبين حذف المعطوف عليه عطف البيان ولم يثبت ويلزم عليه حذف المبدل منه وهو الجملة المفسرة وهو ممنوع. قوله: (ولم يثبت الجمهور) أي: وخلافهم أثبته ومنه قوله:

  فقلت له ارحل لا تقيمن عندنا ... وإلا تكن في السر والجهر مسلماً

  فجعلوا جملة لا تقيمن عندنا بدل اشتمال من قوله ارحل لأن منهي عن الإقامة يستلزم الأمر بالرحيل وكما في قوله تعالى: {أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ ١٣٢ أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ ١٣٣}⁣[الشعراء: ١٣٢ - ١٣٣] الخ فإن جملة أمدكم بأنعام الخ بدل بعض وقوله الجمهور أي جمهور العلماء وخلاف الجمهور هم البيانيون قوله: (وقد بينت الخ) اعتراض على الشلوبين حيث جعلها منها قوله: (وقد بينت أن جملة الاشتغال ليست من الجمل التي تسمى الخ) أي: وإذا كانت في الاصطلاح لا تسمى بذلك فلا يصح اعتراض الشلوبين على الجمهور في قولهم أن الجملة المفسرة لا محل لها، وقوله بل الجملة المفسرة قد يكون لها محل أي كالاشتغالية إذا فسرت خبراً مثلاً. قوله: (إن الجزم في ذلك) الأول في نحو ذلك لأن الآتي في البغداديات إنما هو في لا تجزعي إن منفساً البيت لا البيت السابق، وإن كان كل من العلتين الآتيتين في كلام أبي علي تأتيان في هذا البيت أعني نحن نؤمنه من كونهم اتسعوا في من بدليل إيلائها الاسم أعني نحن ويكون تقدمها دالاً عليها إذ الأصل عند د أبي علي من نؤمن منه وليس نؤمنه بدلاً كما يقول الشلوبين. قوله: (بأداة شرط مقدرة) أي: لا على البدلية من الفعل المحذوف.


= ٢/ ٨٢٩؛ والمقتضب ٢/ ٧٥؛ وهمع الهوامع ٢/ ٥٩).

المعنى: إن من نعطه عهداً بالأمان ينم قرير العين هاداء البال، أما من منعنا عنه عهدنا، فلا يأمن على دمه ولا على ماله.