حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الجملة الثالثة التفسيرية

صفحة 443 - الجزء 2

  لا تَجْزَعِي إِنْ مُنْفِساً أَهْلَكْتُهُ ... [فَإِذَا هَلَكْتُ فَعِنْدَ ذَلِكَ فَأَجْزَعَي]

  مجزومان في التقدير، وإنَّ انجزام الثاني ليس على البدلية، إذ لم يثبت حذفُ المبدل منه، بل على تكرير «إنْ»، أي: إن أهلكت مُنْفِساً إن أهلكته؛ وساغ إضمار «إنْ»، وإن لم يجز إضمار لام الأمر إلا ضرورة لاتساعهم فيها، بدليل إيلائهم إيَّاها الاسم، ولأن تقدَّمها مُقو للدلالة عليها، ولهذا أجَازَ سيبويه «بمن تَمْرُر أمْرُز»، ومنع «مَنْ تَضْرِبْ أَنْزِلْ» لعدم دليل على المحذوف، وهو عليه، حتى تقول «عليه»، وقال فيمن قال: «مَرَرْتُ برجل صالح إن لا صالح فطالح» بالخفض: إنه أسْهَلُ من إضمار «رُبَّ» بعد الواو؛ وربَّ شيء يكون ضعيفاً ثم يحسن للضرورة كما في «ضَرَبَ غلامه زيداً»، فإنه ضعيف جدا، وحسن في نحو: «ضَرَبُونِي وضَرَبْتُ قَوْمَكَ»، واستُغْن


  قوله: (في التقدير) أي: لا في اللفظ لأنهما فعلان ماضيان لا يجزم لفظه. قوله: (وساغ إضمار إن) أي: للضرورة وقوله وإن لم يجز إضمار لام الأمر أي مع أنهما جازمان. قوله: (للضرورة) أي: الحاجة إليه لا ضرورة الشعر وهذا نظير لما نحن فيه بجامع الخروج عن الضعف قوله: (بدليل إيلاتهم إياها) أي: في الظاهر بخلاف لام الأمر. قوله: (ولأن تقدمها مقو للدلالة الخ) أي: ولأن ذكر إن في أول الكلام يدل على أنها محذوفة ثانياً. قوله: (ولهذا) أي: ولأجل كون التقدم في الذكر مقو للدلالة أجاز سيبويه بمن تمرر أمر في بعض النسخ بفك الإدغام ومقتضاه إنه مجزوم ومن شرطية والشاهد في حذف متعلق الشرط أي به لتقدم الباء في الذكر قوله: (ومنع من تضرب أنزل) أي: فالمعنى من تضرب أنزل عليه فلا يجوز حذف عليه. قوله: (حتى تقول) غاية لقوله منع وقول تقول أي حتى تذكر ذلك. قوله: (بالخفض) أي: بحرف جر مقدر أي مررت برجل صالح إن لا تمرر بصالح فطالح قوله: (من إضمار رب بعد الواو) أي: كما قالوا في:

  وقاتم الأعماق خاوي المخترقن

  حيث قالوا إن الأصل ورب قاتم الخ، وإنما كان المثال أسهل من هذا لأنه لم يدل على رب دليل بخلاف الباء فإنه دل عليها دليل وهو الباء المذكورة أولاً. قوله: (ورب شيء) أي: كحذف أداة الشرط في البيت فإنه ضعيف في نفسه، وقوله يحسن للضرورة المراد بها الحاجة لا الواقعة في الشعر فالحاجة كالاختصاص وكاستقامة الوزن. قوله: (فإنه ضعيف جداً) أي: لعود الضمير فيه على متأخر لفظاً ورتبة قوله: (وحسن في نحو الخ) أي: في باب الاشتغال فإنهم جوزوا عود الضمير على متأخر لفظاً ورتبة لأن الفعل لا بد له من فاعل. قوله: (واستغنى الخ) مربوط بأول الكلام وهو قوله وإن انجزام الثاني ليس على البدلية بل على تكرير إن والمراد بالجواب وهو قوله لا تجزعي على مذهب الكوفيين الذين يرون تقديم الجواب أو المراد الجواب ولو مقدراً بناء على مذهب البصريين من أن لا تجزعي دليل الجواب. قوله: (واستغنى) أي: الشعر بجواب الأولى