حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الجملة الرابعة المجاب بها القسم

صفحة 445 - الجزء 2

  يلزم منه حذف المجرور وبقاء الجار، وحذف القسم مع كون الجواب منفيًّا بـ «إنْ».

  تنبيه - من أمثلة جواب القسم ما يخفى، نحو: {أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ ٣٩}⁣[القلم: ٣٩]، {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ}⁣[البقرة: ٨٣]، {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ}⁣[البقرة: ٨٤]، وذلك لأن أخذ الميثاق بمعنى الاستحلاف قاله كثيرون منهم الزجاج، ويوضحه {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ}⁣[آل عمران: ١٨٧]. وقال الكسائي والفرّاء ومَنْ وافقهما: التقدير: بأن لا تعبدوا إلا الله، وبأن لا تسفكوا، ثم حذف الجار، ثم «أن» فارتفع الفعل؛ وجوَّزَ الفرَّاء أن يكون الأصل النهي، ثم أخرج مخرج الخبر، ويؤيده أن بعده {وَقُولُوا}⁣[البقرة: ٨٣] {وَأَقِيمُوا}⁣[البقرة: ٨٣] {وَآتُوا}⁣[البقرة: ٨٤].

  ومما يحتمل الجواب وغيره قول الفرزدق [من الطويل]:


  والمجرور محذوف والجار باق وهو غير جائز ويلزمه كون القسم محذوفاً والحال أن الجواب منفي بأن وهو لا يجوز لكن رد الإلزام الثاني بأنه جائز، قال تعالى: {وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا}⁣[فاطر: ٤١] فقد حذف القسم مع أن الجواب منفي بأن.

  قوله: (أم لكم أيمان علينا بالغة إلى يوم القيامة) أم بمعنى بل الإضرابية ولكم خبر مقدم وأيمان مبتدأ مؤخر وبالغة صفة لأيمان، وقوله إن لكم جواب القسم أعني أيمان. قوله: (لا تعبدون إلا الله) هذه الجملة المنفية جواب القسم أعني أخذ الميثاق لأنه في معنى حلفناهم قوله: (بمعنى الاستحلاف) أي: وكأنه قال حلفناهم لا تعبدون إلا الله وأخذنا ميثاقهم وحلفناهم على أن لا يسفكوا الخ. قوله: (ويوضحه) أي: ويقويه ويدل له لأن قوله ليبيننه ظاهر في أنه جواب القسم أعني أخذ الميثاق بدليل اللام والتوكيد بالنون. قوله: (بألا تعبدوا الخ) أي: فهو منصوب بأن مضمرة والجملة في تأويل مفرد معمول لأخذنا وخرج عما نحن فيه قوله: (الأصل النهي) أي: معمول لحال محذوفة أي قائلين لا تعبدوا إلا الله كما هو المعنى ثم عدل إلى الخبر فهي جملة خبرية لفظاً إنشائية معنى فهو مثل قولك لتذهب إلى فلان يعطيك كذا فالمراد اذهب وعلى هذا فالجملة ليست جواباً للقسم لأنه خبر ا لفظاً ومعنى وإنما خرجت إلى الخبر مبالغة في الحث في الامتثال حتى كأنه تحقق وأخبر عنه. قوله: (ثم أخرج) أي: النهي. قوله: (تعش الخ) قبله:

  فقلت له لما تكشر ضاحكا ... وقائم سيفى مد يدي بمكان

  وبعده:

  وأنت امرؤ ذئب والغدر كنتما ... أخيين كانا أرضعا بلبان

  تعرض له ذئب في بعض الصحاري.