حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الجملة الرابعة المجاب بها القسم

صفحة 447 - الجزء 2

  ٦٤٥ - أَلَمْ تَرَنِي عَاهَدْتُ رَبِّي، وَإِنَّنِي ... لَبَيْنَ رِتاجِ قَائِما وَمَقَامِ

  عَلَى حَلْقَةٍ لَا أَشْتُمُ الدَّهْرَ مُسْلِماً ... وَلاَ خَارِجا من في زُورُ كَلامِ

  وذلك أنه عطف «خارجاً» على محلّ جملة «لا أشتم»، فكأنَّه قال: «حلفْتُ غير شاتم ولا خارجاً»، والذي عليه المحققون أن «خارجاً» مفعول مطلق، والأصل: ولا يخرج خروجاً، ثم حذف الفعل وأناب الوصف عن المصدر، كما عكس في قوله تعالى: {إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا}⁣[الملك: ٣٠] لأن المراد أنه حلف بين باب الكعبة وبين مقام إبراهيم أنه لا يشتم مسلماً في المستقبل ولا يتكلم بزور، لا أنه حلف في حال اتصافه بهذين الوصفين على شيء آخر.


  فإن الشيء يحمل على نظيره قوله: (لبين) خبر إن أي وأنني لكائن بين رتاج الكعبة ومقام الخليل، وقوله قائماً حال من الضمير في الخبر المذكور، وقوله على حلقة متعلق بعاهدت ربي. قوله: (رتاج) هو الباب العظيم أي باب الكعبة، وقوله ومقام أي مقام إبراهيم الخليل. قوله: (لا أشتم الخ) هذه الجملة يحتمل أن تكون جواباً للقسم وتحتمل الحال لكن لما عطف عليه ولا خارجاً بالنصب عين ذلك كونه حالاً فإن قلت كيف تعين الحالية في هذا البيت يدل على أرجحية الحال في البيت السابق مع أنهما تركيباً متغايران وجوابه أنهما اشتركا في أن كلاً مضارع منفي بلا ودل دليل على الحال في هذه البيت فليكن كذلك فيما سبق لأن الشيء يحمل على نظيره.

  قوله: (والذي عليه المحققون) أي: وأما ما ذكره من توجيه الحالية فهو كلام ظاهري أي منظور فيه للظاهر أي: حيث نظر لخارجا الذي هو وصف منصوب فلما عطف دل على أن ما قبله منصوب قوله: (ولا يخرج خروجاً) أي: وجملة ولا يخرج خروجاً لا محل لها من الإعراب لعطفها على لا أشتم الذي هو جواب القسم فهو لا احتجاج فيه للحالية. قوله: (إن أصبح ماؤكم غورا) أي: فالأصل غائراً فحذف الوصف وأناب المصدر منابه.


٦٤٥ - التخريج البيتان للفرزدق في (ديوانه ٢/ ٢١٢؛ وأمالي المرتضى ١/ ٦٣، ٦٤؛ وتذكرة النحاة ص ٨٥؛ وخزانة الأدب ١/ ٢٢٣، ٤/ ٤٦٣، ٤٦٥؛ وشرح أبيات سيبويه ١/ ١٧٠؛ وشرح المفصل ٢/ ٥٩، ٦/ ٥٠؛ والكتاب ١/ ٣٤٦؛ ولسان العرب ٢/ ٢٥٠ (خرج) (البيت الثاني)؛ والمحتسب ١/ ٥٧؛ والمقتضب ٤/ ٣١٣؛ وبلا نسبة في شرح شافية ابن الحاجب ١/ ١٧٧؛ ولسان العرب ٢/ ٢٧٩ (رتج) (البيت الأول)؛ والمقتضب ٣/ ٢٦٩).

اللغة: عاهدت حالفته وعقدت معه، ميثاقاً. الرتاج: الباب العظيم الكبر، أو الباب المغلق.

المعنى: أعطيت ربي ميثاقاً لا أخونه، لا أسب مسلماً ما دمت.، حياً، وقد أعطيت ميثاقي هذا وأنا في مكان عظيم بين المقامين الساميين الكعبة المشرفة وحرم إبراهيم النبي #.