الرابع: قد تقع الجملة بعد القول غير محكية به
  للمعنى؛ لأنّ «أول قَوْلي إني أحمد الله» باعتبار الكلمات «إن» وباعتبار الحروف الهمزة، فيفيد الكلام على تقديره الإخبار بأن ذلك الأوّل ثابت، ويقتضي بمفهومه أن بقية الكلام غير ثابت اللهم إلا أن يقدّر «أول» زائداً، والبصريون لا يجيزونه؛ وتبع الزمخشري أبا علي في التقدير المذكور، والصَّوابُ خلاف قولهما، فإن فتحت فالمعنى حمد الله، يعني بأي عبارة كانت.
  الرابع: قد تقع الجملة بعد القول غير محكية به، وهي نوعان:
  (١) محكية بقول آخر محذوف، كقوله تعالى: {فَمَاذَا تَأْمُرُونَ ١١٠}[الأعراف: ١٠٩ - ١١١] بعد {قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ ١٠٩}[الأعراف: ١٠٩]، لأن قولهم تم عند قوله: {مِنْ أَرْضِكُمْ}[الأعراف: ١١٠]، ثم التقدير: «فقال فرعون»، بدليل {قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ}[الأعراف: ١١١]، وقول الشاعر [من الرجز]:
  ٦٥٥ - قَالَتْ لَهُ، وَهُوَ بِعَيْشِ ضَنْكِ، ... لا تُكْثِرِي لَوْمِي وَخَلْي عَنْكِ
  التقدير: قالت له: أتذكر قولك لي إذ ألومك في الإسراف في الإنفاق، لا
  بأن أول أقواله حمد الله بهذا اللفظ فالصواب أن القول عام يشمل الحمد وغيره وأخبرت بأن أول ذلك قولك إني أحمد الله أي أول أقوالي هذا القول وهو إني أحمد الله؛ وعلى هذا فلا حاجة لخبر محذوف بل الخبر إني أحمد الله ووجب أن يكون جملة لأنك أخبرت به عما معناه جملة اهـ هـ دماميني.
  قوله: (لا يجيزونه) أي: لا يجيزون زيادة أول أي لأنهم لا يجيزون زيادة شيء من الأسماء. قوله: (وتبع الزمخشري) أي: في المفصل قوله: (فالمعنى حمد الله الخ) أي: فإن وما دخلت عليه مؤول بمفرد خبر ولا حكاية فالحاصل أن جملة إن خبر كسرت الهمزة أو فتحت إلا أنه على الأول الجملة محكية بالقول دون الثاني. قوله: (تم عند قوله من أرضكم) وفي نسخة ثم عند قوله بسحره وهي النسخة المنقولة عن المصنف وهي غير صواب لأن آية الأعراف التي تلاها المصنف ليس فيها بسحره وإنما هي في آية الشعراء وليس فيها، قال الملأ من قوم فرعون وإنما فيها للملأ حوله قوله: (فقال فرعون) أي: قال فرعون فماذا تأمرون قوله: (بدليل الخ) أي: لأن قوله قالوا أرجه أي أنزله وأخاه جواب لفرعون حين قال لهم ماذا تأمرون قوله: (وهو بعيش الخ) حال من ضمير له.
٦٥٥ - التخريج: الرجز بلا نسبة في (شرح شواهد المغني ٢/ ٨٣٤).
اللغة: الضنك: الضيق والعسر اللوم: التوبيخ والتعنيف.
المعنى: قالت له وهو يعيش الآن بحالة ضيقة، أتذكر قولك لي عندما كنت ألومك في حالة الرخاء على إسرافك فكنت تقول لي: لا تكثري اللوم واتركي عنك ذلك.