حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

تنبيه - قرأ غير أبي عمرو

صفحة 488 - الجزء 2

  وهذا أحد الوجهين عند سيبويه والوجه الآخر أنه على التقديم والتأخير، فيكون دليل الجواب لا عينه وحينئذ فلا يجزم ما عُطِفَ عليه؛ ويجوز أن يفسر ناصباً لما قبل الأداة، نحو: «زَيْداً إِنْ أَتَانِي أكْرِمُهُ»، ومنع المبرد تقدير التقديم، محتجا بأن الشيء إذا حلَّ في موضعه لا يُنوى به غيره، وإلا لَجاز «ضَرَبَ غُلامُهُ زَيْداً»، وإذا خلا الجواب الذي لم يجزم لفظه من الفاء، وإذا نحو: «إنْ قَامَ زَيْدٌ قَامَ عَمْرُو» فَمحل الجزم محكوم به للفعل لا للجملة وكذا القول في فعل الشرط، قيل: ولهذا جاز نحو: «إِنْ قَامَ وَيَقْعُدَا أَخَوَاكَ» على إعمال الأول، ولو كان محل الجزم للجملة بأسرها لزم العطف على الجملة قبل أن تكمل.

  تنبيه - قرأ غير أبي عمرو {لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ}⁣[المنافقون: ١٠] بالجزم؛ فقيل: عطف على ما قبله على تقدير إسقاط الفاء،


  بالفتح وهي الحاجة أي إنه إذا أتاه الفقير يعطيه المال مطلقاً أي كان زمن مجاعة أو لا ولا يقول له إن مالي غائب ولا يقول له انا حرم أي محروم أي ليس عندي مال. قوله: (والوجه الآخر) أي: المشهور عنه قوله: (وحينئذ) أي: حين إذ كان على التقديم والتأخير فلا يجزم الخ أي وأما عند المبرد فيجزم بالعطف على محله وقوله فلا يجزم ما عطف عليه أي: لأنه ليس في محل جزم بل لا محل له. قوله: (وتجوز) أي: عند سيبويه بناء على الوجه الثاني له أما عند المبرد فلا يجوز أن يفسر والجواب لا يعمل فيما قبل الأداة فلا يفسر عاملاً قوله: (نحو زيد إن أناني أكرمه) فالأصل زيداً أكرمه إن أتاني فزيداً مفعول لمحذوف دل عليه أكرم الموجود وقوله إن اتاني أداة شرط قوله أتاني فعل الشرط وحذف جوابه لدلالة أكرمه عليه فأكرمه مفسر لعامل في زيد ودال على الجواب المقدر لأنه وإن تاخر لفظاً فهو في نية التقديم على الأداة فلا محذور في تفسيره للمحذوف. قوله: (لا ينوي به غيره) يقال الرفع دليل على نية تقديمه وإضمار مبتدأ الفاء خلاف الأصل. قوله: (وإلا لجاز ضرب غلامه زيداً) أي: مع أنه لا يجوز لما فيه من عود الضمير على متأخر لفظاً ورتبة ورد ذلك اللزوم بأنه فرق بين الأمرين وذلك لأن ضرب غلامه زيداً المفعول واقع في محله إذ الأصل فيه التأخير وهو منصوب فلا دليل على تقديمه بخلاف ما نحن فيه فإن أقوم لما وقع مرفوعاً دل ذلك على أنه ليس واقعاً في محله وإلا لجزم فرفعه دل على نية تقديمه.

  قوله: (وكذا القول في فعل الشرط) أي: فإذا كان غير مجزوم لفظه فالمحل للفظ الفعل. قوله: (على إعمال الأوّل) أي: ولذا أضمر في الثاني ما يناسبه وهو الفاعل. قوله: (العطف) أي: عطف يقعدا. قوله: (قيل ان تكمل) أي: وهو لا يجوز لأنه حينئذ قد عطف وفصل بين ما هما كالجزأين أعني الفعل والفاعل ويمكن أن يقال بجواز العطف على الجملة قبل كمالها في باب التنازع لأنهم يغتفرون فيه مالا يغتفر في غيره ألا ترى أنهم