الباب الثالث من الكتاب في ذكر أحكام ما يشبه
  وهو المعبود، وهو المسمى بهذا الاسم؛ وأجيز تعلقه بـ «يعلم»، وبـ «سركم» و جهركم»، وبخبر محذوف قدره الزمخشري بـ «عالم»، ورد الثاني بأن فيه تقديم معمول المصدر وتنازع عاملين في متقدّم وليس بشيء، لأن المصدر هنا ليس مقدَّراً بحرف مصدري وصلته، ولأنه قد جاء نحو {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}[التوبة: ١٢٨]، والظرف متعلق بأحد الوصفين قطعاً، فكذا هنا؛ ورَدَّ أبو حيان الثالث بأن «في» لا تدلّ على عالم ونحوه من الأكوان الخاصة؛ وكذا رَدَّ على تقديرهم {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}[الطلاق: ١] مستقبلات لعدّتهن وليس بشيء، لأن الدليل ما جرى في الكلام من ذكر العلم، فإن بعده {يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ}[الأنعام: ٣]، وليس الدليل حرف الجر، ويقال له: إذا كنت تجيز الحذف للدليل المعنوي مع عدم ما يسد مسده فكيف تمنعه مع وجود ما يسد؟ وإنما اشترطوا الكونَ المطلق لوجوب الحذف، لا لجوازه.
  ومثال التعلق بالمحذوف {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا}[الأعراف: ٧٣] و [هود: ٦١]، بتقدير: وأرسلنا، ولم يتقدم ذكر الإرسال، ولكن ذكر النبي والمرسل إليهم يدلّ
  لتضمنه لمعنى ما يشير للفعل وليس مؤولاً بمشتق لأن العلم عند المصنف لا يؤول بالمشتق. قوله: (ورد الثاني) أي: تعلقه بسركم وجهركم قوله: (تقديم معمول المصدر) أي: لأن في السموات معمول للمصدر وهو سركم وقد تقدم ذلك المعمول عليه. قوله: (عاملين) أي: سركم وجهركم وقوله في متقدم أي مع أن شرط التنازع أن يكون في معمول متأخر نحو قام وأكل زيد قوله: (وليس بشيء لأن المصدر الخ) أي: ومحل المنع لتقديم معمول المصدر عليه إذا كان المصدر يقدر بأن وهنا ليس كذلك لأن المعنى حينئذ وهو الله يعلم أن تسروا وتجهروا في السموات والأرض فيفيد أن الإسرار والجهر مستقبل وليس كذلك قوله: (لأن المصدر الخ) رد لقوله تقديم معمول المصدر وقوله ولأنه قد جاء الخ رد لقوله وتنازع عاملين الخ. قوله: (لأن المصدر هنا ليس مقدراً) رده الشارح بأن من الجائز أن يقدر ما المصدرية وهي لا تدل على الاستقبال وأجاب الشمني بأن السر والجهر المراد منهما الكلام الخفي والكلام الجهر لا نفس الإسرار والإجهار. قوله: (والظرف متعلق بأحد الوصفين) أي: وحذف متعلق الآخر للدلالة عليه فكذا هنا أي فلا يلزم التنازع بين عاملين في معمول متقدم وحاصله أنه من باب الحذف من أحد الموضعين لدلالة الآخر لا من التنازع قوله: (لا تدل على عالم الخ) أي: وإنما تدل على كون عام قوله: (وكذلك رد) أبو حيان قوله: (مستقبلات) حال. قوله: (للدليل المعنوي) أي: لدليل عقلي كما قالوا وحذف ما يعلم جائز للدليل العقلي عليه. قوله: (فكيف يمنع) أي: الحذف مع وجود ما يسد أي وهو الجار والمجرور والدليل لفظي. قوله: (ولكن ذكر النبي) أي: صالح وقوله والمرسل إليهم هم ثمود.