حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

يستثنى من قولنا: «لا بد لحرف الجر من متعلق» ستة أمور

صفحة 529 - الجزء 2

  ذلك بحروف الجرّ، والزائد إنما دخل في الكلام تقوية له وتوكيداً، ولم يدخل للربط.

  وقول الحوفي إن الباء في {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ ٨}⁣[التين: ٨] متعلقة وَهُمْ. نعم يصح في اللام المقوّية أن يقال إنها متعلقة بالعامل المقوّى نحو: {مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ}⁣[البقرة: ٩١]، و {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ}⁣[هود: ١٠٧]، و {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ}⁣[يوسف: ٤٣] لأن التحقيق أنها ليست زائدة محضة بل لما تخيل في العامل من الضعف الذي نزله منزلة القاصر، ولا معدية محضة لاطراد صحة إسقاطها؛ فلها منزلةٌ بين المنزلتين.

  الثاني: «لعَلَّ» في لغة عُقيل؛ لأنها بمنزلة الحرف الزائد، ألا ترى أن مجرورها في موضع رفع على الابتداء، بدليل ارتفاع ما بعدَهُ على الخبرية، قال [من الطويل]:

  [فقُلْتُ أدْعُ أُخْرَى وَارْفَع الصَّوْتَ جَهْرَةً] ... لَعَلَّ أَبِي المِعْوَارِ منك قريب

  ولأنها لم تدخل لتَوْصِيلِ عامل، بل لإفادة التوقع، كما دخلت «ليت» لإفادة معنى التمنّي، ثم إنهم جَرُّوا بها منبهة على أن الأصل في الحروف المختصة بالاسم أن تعمل الإعراب المختص به كحروف الجر.

  الثالث: «لولا» فيمن قال: «لَوْلاَي»، و «لولاك»، و «الولاة» على قول سيبويه: إن


  قوله: (تقوية له وتوكيداً) العطف للتفسير وقوله ولم يدخل للربط أي المعنوي وهو تعليق معنى الفعل بالمجرور قوله: (وهم) أي: لأنها زائدة في خبر ليس. قوله: (في اللام المقوية) وهي الداخلة على معمول الفعل المتقدم عليه أو على معمول العامل الذي هو فرع في العمل قوله: (إنها متعلقة بالعمل) أي: وهو ما كان فرعاً في العمل أو قدم معموله عليه. قوله: (فلها منزلة بين منزلتين) أي: منزلة الزائد المحض والمعدى المحض أي فلذا صح القول بتعلقها بالعامل الذي قوته. قوله: (في لغة عقيل) أي: الذين يجرون بها أي، وأما في لغة غيرهم فلا تجر بل ترفع الاسم وتنصب الخبر. قوله: (لأنها بمنزلة الحرف الزائد) أي: وليست بزائدة محضة لإفادتها الترجي والزائد لا يفيد معنى غير التوكيد ولا أصلية محضة لأن مجرورها في محل رفع مبتدأ والحرف الجار الأصلي مجروره في محل نصب. قوله: (ألا ترى الخ) علة لكونها شبيهة بالزائد وليست حرفاً أصلياً. قوله: (في موضع رفع) أي: والحرف الأصل مجروره في موضع نصب على المفعولية. قوله: (ولأنها لم تدخل) عطف على المعنى أي لأن مجرورها ولأنها الخ وهما علتان لقوله لأنها بمنزلة. قوله: (ثم إنهم) أي: عقيلاً.

  قوله: (منبهة) أي: تنبيهاً أي جروا بها لأجل التنبيه فهي مفعول لأجله ويصح ان تقرأ منبهة اسم فاعل أي حال كونها منبهة الخ. قوله: (فيمن قال) أي: في قول من قال.