ليس على الاستفهام، وأن الكلام معها قابل للتصديق والتكذيب لأنه خبر، وليست تلك كذلك؛ لأن الاستفهام معها على حقيقته.

  والثالث والرابع: أنَّ الواقعة بعد همزة التسوية لا تقع إلا بين جملتين، ولا تكون الجملتان معها إلا في تأويل المفردين، وتكونان فعليتين كما تقدم، واسميتين كقوله [من الطويل]:

  ٥٢ - وَلَسْتُ أُبَالِي بَعْد فَقَدِيَ مَالِكاً ... أَمَوْتِيَ نَاءِ أَمْ هُوَ الآنَ وَاقِعُ

  ومختلفتين، نحو: {سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ ١٩٣}⁣[الأعراف: ١٩٣] و «أم» الأخرى تقع بين المفردين، وذلك هو الغالب فيها، نحو: {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ}⁣[النازعات: ٢٧]، وبين جملتين ليستا في تأويل المفردين، وتكونان

  قوله: (وليست تلك) أي: المعادلة لهمزة الاستفهام، وقوله: وليست تلك كذلك أي: لكون الكلام معها قابلاً للتصديق والتكذيب.

  قوله: (لأن الاستفهام معها على حقيقته) فإن قلت إن أم المتصلة كثيراً ما تقع بعد همزة الاستفهام غير الحقيقي كالتقريري في قوله تعالى: {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا ٢٧}⁣[النازعات: ٢٧] ويمكن الجواب بأن المراد أن الاستفهام معها على حقيقته في الجملة لا دائماً بخلاف الواقعة بعد همزة التسوية، فإنه لا استفهام معها أصلاً لكن هذا يخالفه قول المصنف فيما يأتي في أم المنقطعة أن الهمزة إذا كانت للإنكار كانت بمنزلة النفي والمتصلة تقع بعده فهذا يقتضي أن الاستفهام مع المتصلة دائماً على حقيقته، قلت: إنه لا يلزم من نفي الاتصال مع الإنكاري نفيه مع كل غير حقيقي. قوله: (على حقيقته) أي: فيحتاج لجواب لا يحتمل صدقاً ولا كذباً؛ لأنه إنشاء قوله: (لا تقع إلا بين جملتين) هذا هو الوجه الثالث، وقوله: ولا تكون الجملتان الخ، هذا هو الوجه الرابع. قوله: (وتكونان) أي: الجملتان اللتان تقع أم بينهما قوله: (كما تقدم) أي: في قوله سواء عليهم استغفرت لهم الخ. قوله: (ناء) أي: بعيد. قوله: (وأم الأخرى) أي: الواقعة بعد همزة الاستفهام. قوله: (تقع بين المفردين) وجه كونها هنا دخلت على مفردين مع أن المتقدم عليها في الظاهر جملة أن السماء معطوفة على أنتم وأشد خبر مؤخر على المتعاطفين تقديراً فهو في التقدير كقولك أزيد أم عمرو قائم اهـ دماميني.

  قوله: (وتكونان) أي: الجملتان اللتان تقع بينهما أم المصاحبة لهمزة الاستفهام.

٥٢ - التخريج: البيت لمتمم بن نويرة في (ديوانه ص ١٠٥؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٧/ ٥١؛ وجواهر الأدب. ص ١٨٧؛ والدرر ٦/ ٩٧؛ وشرح الأشموني ٢/ ٤٢١؛ وشرح التصريح ٢/ ١٤٣؛ وشرح شواهد المغني ١/ ١٣٤؛ والمقاصد النحوية ٤/ ١٣٦؛ وهمع الهوامع ٢/ ١٣٢).

شرح المفردات: أبالي: أهتم ناءٍ: بعيد. واقع: حاصل.