مسوغات الابتداء بالنكرة
مسوغات الابتداء بالنكرة
  لم يُعول المتقدمون في ضابط ذلك إلا على حصول الفائدة، ورأى المتأخرون أنه ليس كل أحدٍ يهتدي إلى مواطن الفائدة، فَتَتَبَّعُوها، فمِن مُقِلٌ مُخِلٌ، ومِن مُكْثِر مورد ما لا يصلح أو مُعَدِّد لأمور متداخلة. والذي يظهر لي أنها منحصرة في عشرة أمور:
  أحدها: أن تكون موصوفة لفظاً أو تقديراً أو معنى؛ فالأول نحو: {وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ}[الأنعام: ٢]، {وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ}[البقرة: ٢٢١]، وقولك: «رَجُلٌ صَالِحٌ جَاءني». ومن ذلك قولهم: «ضعيفٌ عَاذَ بِقَرْمَلَة» إذ الأصل: رجل ضعيف، فالمبتدأ في الحقيقة هو المحذوف، وهو موصوف، والنحويون يقولون: يُبتدأ بالنكرة إذا كانت موصوفة أو خَلَفاً من موصوف والصواب ما بينت. وليست كل صفة
مسوغات الابتداء بالنكرة
  قوله: (إلا على حصول الفائدة) أي: فإن حصلت الفائدة عند الابتداء بها صح جعلها مبتدأ وإلا فلا فإذا اعتقد المخاطب أنه ليس في الدار رجل فيصح أن يقال له رجل في الدار من غير مسوغ كما قال الرضى. قوله: (فمن مقل) الأصل فهم من مقل الخ وفي العبارة قلب أي فمنهم مقل. قوله: (فمن مقل) من تبعيضية خبر المحذوف أي فهم بعض فريق مقل فمقل بالجر صفة لمحذوف ويصح أن تكون من بمعنى إلى أي فهم قد انقسموا إلى فريق مقل محل اهـ تقرير دردير.
  قوله: (ما لا يصلح) أي: أن يكون محلاً للفائدة قوله: (فالأول) أي: فالقسم الأول. قوله: (وأجل) مبتدأ وعنده خبر. قوله: (ولعبد الخ) هذا هو المشهور وقال ابن الحاجب المسوغ فيه العموم. قوله: (بقرملة) القرمل شجر ضعيف لا شوك له وهو مثل يقال لمن التجأ لشخص ضعيف قال جرير:
  إن الفرزدق إذ يعوذ بخاله ... مثل الذليل يعوذ تحت القرملِ
  فقوله عاد أي التجأ فحين الإعراب تقول ضعيف صفة لموصوف محذوف سوغ الابتداء به الوصف. قوله: (وهو موصوف) أي: وذلك الوصف هو مسوغ للابتداء به. قوله: (إذا كانت موصوفة) أي: نحو رجل صالح جاءني، وقوله أو بدلاً الخ كما في ضعيف لاذ بقرملة قوله: (والصواب ما بينت) أي: من أن المبتدأ في المثال المذكور محذوف وسوغ الابتداء به الوصف المذكور لا أن المبتدأ ضعيف المذكور وسوع الابتداء