مسألة - «أم» المتصلة التي تستحق الجواب إنما تجاب بالتعيين
  مسألة - «أم» المتصلة التي تستحق الجواب إنما تُجَابُ بالتَّعيين، لأنها سؤال عنه، فإذا قيل: «أزيد عندك أم عمرو»، قيل في الجواب: «زيد»، أو قيل: «عمرو»، ولا يقال: «لا»، ولا «نعم».
  فإن قلت: فقد قال ذو الرُّمة [من الطويل]:
  ٥٥ - تَقُولُ عَجُونٌ، مَدْرَجِي مُتَرَوْحاً ... عَلَى بَابِهَا، مِنْ عِنْدِ أَهْلِي وَغَادِيا:
  فقليل وقد يقال لا ينبغي في هذه الآية ترجيح تقدير كونه فاعلاً على كونه مبتدأ، بل يجوز الأمران على حد سواء؛ لأن للفعلية مرجحاً وهو كثرة إيلاء الفعل للهمزة كما سبق في التوجيه وللاسمية مرجحاً وهو تناسب المتعاطفين فاستويا اهـ دماميني. قوله: (أم المتصلة) أما غيرها وهي المنقطعة فتجاب بنعم وبلا من حيث أنها لطلب التصديق لا التصور، فإذا قيل إنها لا بل أم شاء على معنى بل أهي شاء قيل: نعم. ولا أي: هي شاء أو ليست هي؛ لأن السؤال عن تلك الأشباح المرئية أهي شاء فالجواب بنعم أو لا محصل للمقصود اهـ دماميني.
  قوله: (التي تستحق) أي: وهي الواقعة بعد همزة الاستفهام. قوله: (التي تستحق الجواب) خرجت الواقعة بعد همزة التسوية. قوله: (تجاب بالتعيين) أي: للمسؤول عنه مسنداً كان أو مسنداً إليه أو غير ذلك من المتعلقات كالظرف والحال ونحوهما. قوله: (وإنما تجاب بالتعيين) أي: لا بنعم ولا بلا قوله: (قيل في الجواب زيد) أي: لأنه المطلوب بها قوله: (ولا يقال) أي: في جواب ذلك لا ولا نعم، أي: لأنه لا يفيد الفرض من تعيين أحدهما بل يفيد نفي كل منهما إن كان الجواب بلا أو نفي أحدهما لا على التعيين في نعم. قوله: (ذو الرمة) هو غيلان بن عقبة والرمة هي في الأصل بضم الراء قطعة من حبل بال قوله: (مدرجي) أي: محل درجي ومشيي أو درجي ومشي على أنه مصدر أو اسم مكان وهو مبتدأ وعلى بابها خبر وجملة مدرجي على بابها صفة لعجوز وقوله متروحاً حال من الياء قبلها وهو اسم فاعل من تروح إذا ذهب في الزمن المسمى
٥٥ - التخريج: الأبيات لذي الرمة في (ديوانه. ص ١٣١١ - ١٣١٣؛ والأوّل منها مع نسبته في المحتسب ٢/ ٢٦٦؛ وأمالي الزجاجي ص ٨٩ والثاني منهما مع نسبته في المزهر ٢/ ٣٧٦؛ وشرح شواهد المغني ١/ ١٣٩؛ وبلا نسبة في رصف المباني ص ٩٤).
اللغة: مدرجي: مصدر درج الرجل بمعنى مشى متروحاً: من يروح في أوّل العشي. الغادي: المبكر السائر في أول الصباح ذو زوجة: متزوّج الثاوي: المقيم. الأكثبة: كثيب وهو تلة جمع الرمل. البصرة والدهناء: موضعان.
المعنى: تسألني امرأة عجوز - تراني أمرّ على بابها صباحاً ومساءً، في طريقي إلى أهلي - هل لديك زوجة، أو أنك متنازع مع أحدهم. فتذهب إلى البصرة للإقامة من أجلها؟ فأجبتها لا هذا ولا ذاك، فأهلي بدو مقيمون في جوار رمال الدهنا (الصحراء)، ومعاشي وأموالي كذلك، وليس لدي نزاع مع أحد، فأراجع القاضي من أجلها، يا ابنة الناس.