مسألة - إذا عطفت بعد الهمزة بـ «أو»،
  أذُو زَوْجَةِ بالمضر، أَمْ ذُو خُصومَةٍ ... أَرَاكَ لَهَا بِالْبَصْرَةِ الْعَامَ ثَاوِيا؟
  بِالْمِصْرِ، فَقُلْتُ لَهَا: لا، إِنَّ أَهْلِيَ جِيرَةٌ ... لأكْثِبَةِ الدَّهْنَا جَميعاً، وَمَالِيَا
  وَمَا كُنْتُ مُذْ أَبْصَرْتِنِي في خُصُومَةٍ ... أَراجِعُ فِيهَا - يا ابْنَةَ القَوْمِ قَاضِيا
  قلت: ليس قوله «لا» جواباً لسؤالها، بل رد لما توهمته من وقوع أحد الأمرين:
  كونه ذا زوجة، وكونه ذا خُصومة، ولهذا لم يكتفِ بقوله: «لا»، إذ كان ردّ ما لم تلفظ به إنما يكون بالكلام التام فلهذا قال: «إن أهلي جيرة - البيت» و «ما كنت مذ أَبْصَرْتني - البيت».
  مسألة - إذا عطفت بعد الهمزة بـ «أو»، فإن كانت همزة التسوية لم يَجُز قياساً، وقد أولعَ الفقهاء وغيرُهم بأن يقولوا: «سواء كان كذا أو كذا»، وهو نظير قولهم:
  بالروح وهو من الزوال إلى الليل تقول راح يروح نقيض غدا يغدو وقوله: غادياً أي: ذاهباً في الغدوة عطف على متروحاً إن قلنا إن غادياً من معمولات المصدر والمخبر عنه بقوله على بابها وحينئذ ففيه الإخبار عن المصدر قبل استكمال معمولاته وهو ممنوع ويجاب بمنع أن يكون على بابها خبراً بل هو ظرف لغو متعلق بالمدرج والخبر محذوف أي حاصل أو أنه خبر والمحل ضرورة لا سيما والظروف يتوسع فيها قوله: (من عند أهلي) ظرف لمتروحاً أو للمصدر قوله: (أذو زوجة) مقول القول وبقدر المبتدأ مؤخر أي: أذو زوجة أنت؛ لأنه يجب إيلاء الهمزة للمستفهم عنه قوله: (يا لمصر) أراد به البصرة بدليل ما بعده وقوله: أراك لها أي: لأجلها وقوله: لماويا أي مقيماً. قوله: (جيرة) جمع قلة للجار أي أن أهلي مجاورون لأكثبة الدهناء والأكثبة جمع كثيب وهو كوم الرمل والدهناء مكان معروف ببلاد تميم. قوله: (فقلت الخ) أي: فأجاب بلا. قوله: (جواباً لسؤالها) أي: عن المعنيين. قوله: (بل رد) أي: تخطئة لاعتقادنا قوله: (ولهذا) أي: ولأجل كون قوله لا ليس جواباً لسؤالها بل لرد ما توهمته. قوله: (لم يكتف الخ) أي: ولو كانت جواباً لسؤالها لاكتفى بها قوله: (إذ كان الخ) كان زائدة والذي لم يلفظ به موتاً توهمه من وقوع أحد الأمرين فهو رد لما انبنى عليه سؤالها وكأنه قال لها غلطت في أنك اعتقدت في وقوع أحد هذين الأمرين فليس هذا ولا هذا وبين قوله لا هذا ولا هذا بقوله إن أهلي جيرة، وقوله وما كنت من أبصرتني الخ، قال الدماميني، وظاهر كلامهم أن لا في كلام ذي الرمة هي الجوابية أخت نعم، ولو قيل بأنها الناهية والمعنى لا تظني ما ذكرتيه من أني متصف بأحد ذينك الأمرين واقعاً وحذف الفعل المنهي عنه لقرينة قوله إن أهلي الخ لكان حسناً، واندفع السؤال بذلك لا بفنائه على أن لا هي الجوابية ا اهـ دماميني.
  قوله: (إذ كان رد الخ) علة للمعلل مع علته. قوله: (فهذا) أي: لكون رد ما يتلفظ به يكون بالكلام التام. قوله: (لم يجز قياساً) احترز عن الشذوذ الآتي في قراءة ابن محيصن. قوله: (وهو نظير قولهم) أي: الفقهاء.