العطف على معمولى عاملين
  كالعائد على المنهيات، لدخولها في الأمور.
  وأعلم أن الزمخشري ممن منع العطف المذكور، ولهذا اتجه له أن يسأل في قوله تعالى: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا ١ وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا ٢}[الشمس: ١ - ٢]، فقال: فإن قلت: نصب «إذا» معضل؛ لأنك إذا جعلت الواوات عاطفة وقَعْتَ في العطف على عاملين، يعني أنَّ «إذا» عَطْفٌ على «إذا» المنصوبة بـ «أقسم»، والمخفوضات عطف على «الشمس» المخفوضة بواو القسم؛ قال: وإن جعلتهنَّ للقسم وقعت فيما اتفق الخليل وسيبويه على استكراهه يعني أنهما استكْرَهَا ذلك لئلاً يحتاج كل قسم إلى جواب يخصه، ثم أجاب بأن فعل القَسَم لما كان لا يُذكر مع واو القسم بخلاف الباء صَارَتْ كأنها هي الناصبة الخافِضة، فكان العطف على معمولي عامل.
  قال ابن الحاجب: وهذه قوة منه، واستنباط لمعنى دقيق، ثم اعترض عليه بقوله
  بقاصر لكن لا نسلم عدم ارتباط الخبر بالمخبر عنه؛ لأن ضمير مأمورها عائد على الأمور من جملتها المنهيات التي هي المخبر عنه. قوله: (لدخولها في الأمور) أي: الذي هو مرجع الضمير وقوله: لدخولها أي: لأن الإضافة من إضافة الخاص للعام. قوله: (الآيات) الشاهد في قوله والنهار إذا جلاها عطف النهار على الشمس والعامل فيه الواو التي هي حرف جر لأنها حرف قسم وعطف إذا من إذا جلاها على إذا من قوله إذا تلاها والعامل فيه أقسم المحذوف وهو كما هو أيضاً في الليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى. قوله: (معضل) أي: مشكل من أعضل إذا أشكل وصعب. قوله: (إن جعلت الواوات) أي: في قوله والقمر والنهار والليل الخ. قوله: (وقعت في العطف على عاملين) أي: على معمولي عاملين قوله: (يعني إن إذا) أي: من إذا جلاها قوله عطف على إذا المنصوب بأقسم الأولى من إذا تلاها وقوله والمخفوضات، أي: من القمر والنهار وما بعده. قوله: (وإن جعلتهن) أي: الواوات الداخلة على القمر والنهار والليل وما بعده وقوله: للقسم أي كما أن واو الشمس كذلك. قوله: (وقعت فيما) أي: في تعدد القسم الذي اتفق الخ. قوله: (إلى جواب يخصه) أي: ولا يقال إن الجواب عن واحد منها وحذف من الباقي لدلالة المذكور؛ لأن الحذف خلاف الأصل وهذا هو سبب الاستكراه. قوله: (ثم أجاب) أي: أنا نختار الأول وهو كون الواوات عاطفات ونمنع لزوم العطف على معمولي عاملين قوله: (كأنها هي الناصبة) أي: لأنها قامت مقام الناصب ومن حيث نفسها هي الجارة فكأنه عامل واحد عمل عملين جراً ونصباً. قوله: (ثم اعترض الخ) أجاب عنه الرضى بأن الكلام فيه حذف مضاف أي: وعظمة الليل إذا عسعس فعظمة عامله في الليل وفي إذا وعامله فيما عطف عليهما فهو من العطف على معمولي عامله.