حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

وهي سبعة

صفحة 100 - الجزء 3

  قول القائل: مررتُ برجل ذاهبة فرسه مكسوراً «سَرْجُها»، فقال: تقديم الحال هنا على عاملها وهو «ذاهبة» ممتنع لأن فيه تقديم الضمير على مفسّره، ولا شك أنه لو قدم لكان كقولك: «غُلاَمَهُ ضَرَبَ زيد».

  ووقع لابن مالك سهو في هذا المثال من وجه غير هذا، وهو أنه منع من التقديم لكون العامل صفة، ولا خلاف في جواز تقديم معمول الصفة عليها بدون الموصوف؛ ومن الغريب أن أبا حيان صاحب هذه المقالة وقع له أنه منع عَوْدَ الضمير إلى ما تقدم لفظاً، وأجاز عوده إلى ما تأخر لفظاً ورتبة؛ أما الأول فإنه منع في قوله تعالى: {وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ}⁣[آل عمران: ٣٠] كونَ «ما» شرطية، لأن {تَوَدُّ} حينئذ يكون دليل الجواب، لا جواباً لكونه مرفوعاً، فيكون في نيَّة التقديم، فيكون حينئذ الضمير في {بَيْنَهُ} عائداً على ما تأخر لفظاً ورتبة، وهذا عجيب لأن الضمير الآن عائد على


  قوله: (ذاهبة) صفة لرجل جرت على غير من هي له وفرسه فاعل بذاهبه ومسكوراً حال وسرجها معمول للحال. قوله: (تقديم الحال) أي: مكسوراً. قوله: (ولا شك) رد على أبو حيان وحاصل الرد أنه لو قدمه لكان مثل قولك غلامه ضرب زيد فضمير غلامه عائد على زيد وهو جائز اتفاقاً لأن ضرب عامل في غلامه ورتبة العامل مقدمة على المعمول، وكذا زيد فاعل ورتبة الفاعل مقدمة على المعمول وعود الضمير على متقدم رتبة اتفاقاً. وهنا لو قدم وقال مررت برجل مكسوراً سرجها ذاهبة فرسه لقيل إن ذاهبة عامل ومكسوراً معمول والعامل مقدم على المعمول وفرسه فاعل ومرتبة الفاعل مقدمة على المعمول فالضمير في سرجها عائد على فرس المؤخرة لفظاً المقدمة رتبة.

  قوله: (منع من التقديم) أي: من تقديم الحال وقوله لكون العامل أي العامل فيها صفة أي ولا يجوز تقديم معمول الصفة عليها. قوله: (ولا خلاف) رد على ابن مالك. قوله: (بدون الموصوف) أي: دون أن يتقدم على الموصوف قوله: (هذه المقالة) أي: المردود عليها وهي منعه عود الضمير على ما تأخر لفظاً وتقدم رتبة في نحو مررت برجل ذاهبة فرسه مكسوراً سرجها قوله (إلى ما تأخر لفظاً ورتبة) هذا الشق الثاني هو محل الغرابة بالنظر لما نحن فيه، وأما بالنظر للكلام في حد ذاته فكل من الشقين يتعجب منه لأنه جوز ما منعوه ومنع ما جوزوه قوله: (وأما الأول) أي: أما القسم الأول وهو منعه عود الضمير على ما تقدم لفظاً قوله: (فيكون في نية التقديم) أي: لأن دليل الجواب محله التقديم عند سيبويه. قوله: (فيكون حينئذ الضمير في بينه الخ) أي: لأنه من متعلقات تود وتود رتبته التقديم فليكن أيضاً بينه كذلك فينحل التركيب تود لو أن بينه وبينها أمداً بعيداً ما عملت من سوء ضمير بينه عائد على ما فقد عاد على متأخر لفظاً ورتبة. قوله: (وهذا عجيب لفظاً، الخ) أي: لأنه لا يسلم أن الضمير عائد على ما تأخر لفظاً بل هو عائد على متقدم وإن كان متأخراً رتبة. قوله: (الآن) أي: في هذا التركيب على هذا الكلام.