مسألة - سمع حذف «أم» المتصلة ومعطوفها
  الفعلية والسبب مقام المسبب، لأنهم إذا قالوا له أنت خير كانوا عند بصراء، وهذا معنى كلام سيبويه.
  فإن قلت: فإنهم يقولون: أتفعل هذا أم لا، والأصل أم لا تفعل.
  قلت: إنما وقع الحذفُ بعد «لا»، ولم يقع بعد العاطف، وأحرف الجواب تخذف الجمل بعدها كثيراً، وتقوم هي في اللفظ مقام تلك الجمل، فكأن الجملة هنا مذكورة، لوجودِ ما يُغني عنها.
  قوله: (والسبب) أي: وهو قولهم له أنت وكان الأولى إقامة للسبب الخ. قوله: (مقام المسبب) وهو أنهم بصراء. قوله: (كانوا عنده بصراء) أي: تسبب عن ذلك اعتقاده أنهم بصراء، إن قلت: لا يتسبب اعتقاده أنهم بصراء عن إثبات الخيرية له إلا إذا كانوا هم الذين أثبتوها له بأن قالوا له أنت خير والواقع ليس كذلك؛ لأن ما قبل أم وما بعدها من كلام فرعون وحينئذ لم يتم ما قاله المصنف من أنه من إقامة السبب مقام المسبب والجواب أن المراد بقوله أم أنا خير أم تقولون لي أنت خير فحكاه عنهم بالمعنى نظير ما لو قال لك قائل أنت فاضل فتحكيه عنه، وتقول قال لي زياد أنا فاضل هذا ويصح أن يكون قوله أنا خير من إقامة المسبب مقام عكس ما قاله المصنف وذلك لأن حكمهم بالخيرية وقولهم له أنت خير من موسى، وإن كان سبباً في اعتقاد بصارتهم إلا أنه مسبب عن بصارتهم في الواقع بحسب زعمه.
  قوله: (وهذا) الإشارة لمجرد إقامة السبب مقام المسبت، وإن كان فيه بعد وذلك إن سيبويه رأى أن أم منقطعة كبل داخلة على نقيض السابق بعد تمام الاستفهام الأول والثاني استفهام آخر عن نقبض الأول، وكل منهما كلف لو اقتصر عليه ويجاب بنعم أو بلا أي: بل أتبصرون فكأنه ظن ولا عدم الاستبصار فاستفهم عنه ثم ظن الاستبصار فاستفهم عنه. قوله: (وهذا معنى كلام سيبويه) جعل الشمني الإشارة لمجرد إقامة السبب مقام المسبب، وإن كان فيه وذلك ان سيبويه يرى أن أم الآية منقطعة بمعنى بل داخلة على نقيض السابق لتمام الاستفهام في الأول والثاني استفهام آخر بالنقيض الثاني، وكل منهما كافٍ لو اقتصر عليه ويجاب بنعم أو لا أي: بل أتبصرون كأنه ظن أولاً عدم الاستبصار فاستفهم عنه، ثم ظن الاستبصار فاستفهم عنه قوله: (فإن قلت الخ) أي: ما ادعيتموه من أن المعطوف لا يحذف بدونها ممنوع فإنهم يقولون الخ.
  قوله: (والأصل أم لا تفعل) أي: فحذف المعطوف وهو تفعل وبقي العاطف وهو أم. قوله: (لوجود ما يغني عنها) لو منع للمصنف كون المعطوف محذوفاً في هذا المثال لاستغنى عن هذا الاعتذار وذلك لأن المعطوف هنا مجموع لا تفعل وهذا المجموع لم يحذف، وإنما حذف بعضه والكلام في الأول لا في الثاني فيتجه على المصنف مؤاخذة من جهة تسليمه للسائل أن المعطوف حذف وليس كذلك ثم جعل أم عاطفة مبني على