حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الثالث: الجملة الموصول بها الأسماء

صفحة 124 - الجزء 3

  الثالث: الجملة الموصول بها الأسماء، ولا يربطها غالباً إلا الضمير: إما مذكوراً نحو: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ}⁣[البقرة: ٣]، ونحو: {وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ}⁣[يس: ٣٥]، {وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ}⁣[الزخرف: ٧١]، ونحو: {يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ}⁣[المؤمنون: ٣٣]، وإما مقدراً نحو: {أَيُّهُمْ أَشَدُّ}⁣[مريم: ٦٩]، ونحو: {وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ}⁣[يس: ٣٥]، {وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ}⁣[الزخرف: ٧١]، ونحو: {وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ ٣٣}⁣[المؤمنون: ٣٣]، والحذفُ من الصَّلة أقوى منه من الصفة ومن الصفة أقوى منه من الخبر.

  وقد يربطها ظاهرٌ يخلُفُ الضمير، كقوله [من الطويل]:

  فَيَا رَبِّ لَيْلَى أَنتَ فِي كُلِّ مَوْطِنٍ ... وَأَنْتَ الَّذِي فِي رَحْمَةِ اللَّهِ أَطْمَعُ

  وهو قليل قالوا وتقديره وأنتَ الذي في رحمته، وقد كان يمكنهم أن


  يوماً والبدل على نية تكرار العامل فينحل المعنى واتقوا لا تجزي أي فقد وقعت الجملة مفعولاً في موضع ليس من المواضع التي تقع فيه الجملة مفعولاً لأنها ليست محكية. قوله: (وفيها ما تشتهي الأنفس) هذه الآية في سورة الزخرف وفيها قراءتان سبعيتان فقرأ بإثبات الهاء نافع وحفص وابن عامر كما أورده المصنف أولاً وقرأ الباقون بحذفها كما ذكر هنا، وفي سورة فصلت ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم بحذف الهاء بإجماع القراء. قوله: (أقوى) حاصله أن شدة الارتباط تغني عن وجود الضمير قوله: (أقوى) أي: أحسن وذلك لأن الموصول صلته كالشيء الواحد بدليل أنه لا يوجد موصول بدون صلته مع فاستغنى بالربط اللفظي عن الالتزام لذكر الضمير بخلاف الصفة مع الموصوف فإنه وإن كان كالجزء من الجملة إلا أنه قد يفارق إذ قد يوجد موصوف بدون الصفة فليست الصفة من ضروريات الموصوف كما كانت الصلة من ضروريات الموصول ولوازمه فلذا جعلت الصفة حالة وسطى بين الخبر والصلة، وأما جملة الخبر فهي مستقلة بذاتها لا تعلق لها بالمبتدأ.

  قوله: (أقوى منه) أي أقوى من نفسه. قوله: (وقد يربطها) أي: من غير الغائب. قوله: (وهو قليل) بل قال أبو علي في التذكرة من الناس من لا يجيز هذا، وقال بعضهم هذا لم يجزه سيبويه في خبر المبتدأ فأحرى أن لا يجيزه في الصلة وصرح المصنف في أوائل الجهة الثالثة من الباب الخامس بأن ذلك مختص بالشعر وليس في التسهيل ما يدل على قلته ولا على اختصاصه بالشعر فإنه عرف الموصول بأنه ما افتقر أبداً إلى عائد أو خلفه وإلى جملة صريحة أو مؤولة غير طلبية ولا إنشائية فأشار بقوله أو خلفه إلى ما أنشده المصنف ومنه في النثر قولهم أبو سعيد الذي رويت عن الخدري أي عنه وقولهم: الحجاج الذي رأيت ابن يوسف بنصب ابن أي هو الذي رأيته.

  قوله: (وتقديره الخ) أي: فالظاهر قد خلف ضمير الغيبة. قوله: (وقد كان يمكنهم الخ) أي: بحيث يجعلوه ضمير مخاطب ويكون الظاهر