حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

وهي أحد عشر

صفحة 135 - الجزء 3

  المفهوم من «لو»، وإذا امتنع النفي جاء الإثبات فيكون قد أثبت طلبه للقليل بعد ما نفاه بقوله:

  ولَوْ أن ما أسعى لأدني معيشة

  وإنما لم يجز أن يقدر مستأنفاً لأنه لا ارتباط حينئذ بينه وبين «كفاني»؛ فلا تنازع بينهما.

  فإن قلت: لم لا يجوز التنازع على تقدير الواو للحال، فإنك إذا قلت: «لو دعَوْتَهُ لأجابني غيرَ مُتَوانِ» أفادت «لو» انتفاء الدعاء والإجابة دون انتفاء عدم التواني حتى يلزم إثبات التواني؟

  قلتُ: أجاز ذلك قوم منهم ابن الحاجب في شرح المفصل، ووجه به قول الفارسي والكوفيين إن البيت من التنازع وإعمال الأول، وفيه نظر؛ لأن المعنى حينئذ لو ثبت أني أسعى لأدنى معيشة لكفاني القليل في حالة أني غير طالب له؛ فيكون انتفاء كفاية القليل


  قوله: (بعد ما نفاه الخ) فينحل المعنى أن. سعيي لأدنى معيشة وطلبي للقليل من المال منفي بل أطلب الكثير وانتفاء طلبي للقليل منفي بل أطلب القليل السعي للأدنى. قوله: (وإنما لم يجز أن يقدر مستأنفاً) ويكون العاملان تنازعا في القليل. قوله: (فلا تنازع بينهما) أي: لأن شرط التنازع الارتباط بين العاملين ولو بالعطف. قوله: (أفادت الخ) أي: أفادت انتفاء الإجابة لانتفاء الدعاء وكذلك البيت أنفى كفاية القليل لانتفاء السعي لأدنى معيشة ولكون عدم طلب القليل مستمراً قوله: (لأن المعنى حينئذ) أي: وأما في المثال السابق فالقيد ليس نقيضاً للشرط لأن عد التواني لا يناقض الدعوة، وإنما المناقضة في البيت وفي قولك لو جاءني لأكرمته غير جاء فإن القيد مناقض للشرط فلا يصح التعليق.

  قوله: (فيكون انتفاء الخ) أي: أنه علق كفاية القليل المقيدة بعدم الطلب على السعي ومن المعلوم أن يقيد جزء في المعنى وأن السعي لأدنى معيشة هو طلب القليل فيؤول الأمر إلى أنه علق عدم طلب القليل على طلب القليل فإذا أدخلت لو صارت مفيدة لعدم عدم الطلب وهو ثبوت الطلب لانتفاء الطلب فقد توقف الشيء على عدمه فقول الشارح فيتوقف عدم الشيء أي عدم الطلب وهو القيد وقوله على وجوده وهو وجود الطلب وهذا كله قبل دخول لو وأما بعد دخول لو فيكون توقف وجود الشيء على عدمه فقول الشارح فيكون انتفاء كفاية الخ الأولى حذف انتفاء لأن كلامنا في التعليق بقطع النظر عن لو وما جاء الفساد إلا من جعل الواو للحال، وحينئذ فتعين جعلها للاستثناء اهـ تقرير در دير.

  قوله: (فيكون انتفاء كفاية الخ) الأولى حذف انتفاء لأن التعليق بين الجواب والشرط